تشهد محافظة السويداء حالة توتر أمني وسياسي متصاعدة، وسط اتهامات متبادلة بين فصائل محلية والحكومة السورية، وتصاعد دور جهات خارجية في المشهد. في خضم هذا الصراع، كشفت "غرفة العمليات العسكرية" في المحافظة عن تنسيق مباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة بهدف الحصول على حماية دولية، ما يثير تساؤلات حادة حول طبيعة هذه العلاقة وأهدافها.
القيادي في الغرفة، طارق المغوش، تحدث بصراحة عن تنسيق "مشترك" مع الطرفين الأميركي والإسرائيلي، مؤكداً أن إسرائيل لعبت دوراً في رد الهجمات عن السويداء، وأن الغرفة تطالب بحمايتها. هذه التصريحات تضع العلاقة بين الفصائل المحلية والدولة في سياق معقد ومثير للجدل، حيث باتت المنطقة مسرحاً لصراعات نفوذ خارجية تضاف إلى أعباء التوتر الداخلي.
في المقابل، ترفض "غرفة العمليات" لجنة التحقيق الحكومية التي شكلتها وزارة العدل السورية، معتبرة إياها "غير شرعية" ورافضة السماح لها بالعمل في المحافظة. وتصرّ الغرفة على أن تحقيقات الحكومة غير مقبولة من أبناء السويداء، ما يعكس عمق الانقسامات وعدم الثقة بين الفصائل المحلية والدولة المركزية.
أحداث السويداء التي شهدت اشتباكات مسلحة دامية بين فصائل محلية وعشائر بدوية خلفت مئات القتلى، تبرز هشاشة الوضع الأمني والإنساني في المنطقة. حكومة دمشق، عبر لجنة التحقيق وإرسال قوافل مساعدات غذائية وطبية، تسعى لإعادة السيطرة وتهدئة الأوضاع، لكن هذه الجهود تصطدم برفض فصائل مسلحة تتجه إلى اعتماد دعم دولي من جهات متعارضة مع الدولة السورية.
الاتفاق على وقف إطلاق النار الذي جرى في 19 تموز، لا يبدو أنه وضع حداً للانقسامات العميقة، حيث تستمر الصراعات الخفية حول السيطرة والنفوذ، مع تدهور الأوضاع الإنسانية، من نقص في الغذاء والدواء إلى أضرار في البنى التحتية الحيوية.
الوضع في السويداء يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل المحافظة في ظل هذا التناحر السياسي والعسكري، ومدى قدرة الدولة على فرض سلطتها وسط تدخلات خارجية واضحة، وتجاهل الفصائل المحلية للتحقيقات الرسمية. فهل يستمر هذا المشهد كصراع مفتوح بين مصلحة الدولة الوطنية ومصالح قوى محلية وإقليمية؟ وهل ستنجح جهود التهدئة والحوار في تحقيق الاستقرار الحقيقي؟
الأحداث الجارية في السويداء تشكل نموذجاً معبراً عن أزمات أعمق في سوريا، حيث تتشابك السياسة مع الأمن والهوية، وتنذر بحالة مزمنة من عدم الاستقرار التي يصعب تجاوزها دون حلول شاملة تضمن احترام سيادة الدولة ووحدة أراضيها، بعيداً عن التبعية لمحاور خارجية.