عاصفة قضائية: تشكيلات تُثير الغضب والاتهامات في لبنان

2025.08.06 - 09:35
Facebook Share
طباعة

 أُقرّت التشكيلات القضائية الجديدة رسميًا، لتفتح الباب على مصراعيه أمام عاصفة من الاعتراضات والاتهامات داخل الجسم القضائي، وسط حديث عن "محاصصة سياسية" و"تصفية حسابات" على حساب الكفاءة والنزاهة، في وقت يُفترض أن يعاد فيه ترميم ثقة اللبنانيين بالقضاء.

عدد كبير من القضاة اعتبروا أن ما حصل لا يشبه سوى "مجزرة قضائية موصوفة"، أطاحت بقضاة مشهود لهم بالكفاءة ونظافة الكف، وفتحت المجال أمام ترقية وتثبيت قضاة آخرين مقرّبين من المرجعيات السياسية. هؤلاء يرون أن بعض المناصب تحوّلت إلى "جوائز ترضية" وزّعت وفق الولاءات والانتماءات، لا على أساس الكفاءة أو الأقدمية أو حتى الإنتاجية.

بحسب المعترضين، فإن النظرة إلى أسماء قضاة النيابات العامة، وقضاة التحقيق في المناطق، وحتى المحكمة العسكرية، تكشف بسهولة خريطة التوازنات السياسية التي حكمت كل تعيين. فالتغييرات لم تأتِ انسجامًا مع المسوّدة الأصلية التي أعدها مجلس القضاء قبل سنوات، بل جاءت محمّلة برسائل سياسية وحسابات قديمة.

قضاة محسوبون سابقًا على تيارات سياسية كـ"التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" و"حزب الله" وجدوا أنفسهم مهمّشين، رغم عدم ارتباطهم المباشر بهذه الأحزاب. في المقابل، نال آخرون مواقع متقدمة رغم سجلّهم المتواضع أو ارتباطاتهم المعروفة، وهو ما اعتُبر إهانة للمبدأ الأساسي في القضاء: الاستقلالية.

من بين الأمثلة الصارخة التي أُوردت: قاضية حازت 17 درجة ونُقلت إلى مركز قاضية منفردة، بينما زملاؤها من الدورة نفسها نالوا مناصب رؤساء بداية أو استئناف. وقاضٍ نُقل إلى قضاء بعيد "كعقوبة غير مباشرة" بسبب موقفه من رئيس مجلس القضاء، فيما قاضية أخرى خدمَت 12 عامًا في محكمة نائية، نُقلت إلى هيئة استئناف من دون مكافأتها بموقع قريب من سكنها أو حتى في المحافظة نفسها.

اللامبالاة بالبعد الجغرافي بين أماكن إقامة القضاة ومراكز عملهم كانت بدورها محط انتقاد كبير، خصوصًا في ظل تدني قيمة بدل النقل، ما دفع بعضهم إلى التفكير بالاستقالة أو طلب إجازة غير مدفوعة، علّ ذلك يفتح لهم بابًا للانتقال إلى مراكز أفضل لاحقًا.

وتُطرح علامات استفهام كبيرة حول جدوى هذه التشكيلات في ظل الفوضى القائمة في البلاد، وحجم التحديات القضائية المتراكمة، ما جعل البعض يصف ما حصل بأنه "الفرصة الضائعة الأخيرة" لإعادة الاعتبار للقضاء.

التشكيلات مرّت، لكن تبعاتها لم تبدأ بعد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9