هل ينجح نتنياهو في احتلال غزة أم يقود إسرائيل نحو ورطة جديدة؟

2025.08.06 - 08:47
Facebook Share
طباعة

كتبت- أماني إبراهيم


في واحدة من أكثر التصريحات وضوحًا منذ بدء الحرب على غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلهجة قاطعة أن "إسرائيل ستبقى في غزة بعد الحرب"، ما يؤكد للمرة الأولى النية العلنية بإعادة احتلال القطاع بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

هذا التصريح يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات خطيرة حول الأهداف الإسرائيلية في المرحلة المقبلة، وطبيعة الدعم الذي يتلقاه نتنياهو، خصوصًا في ظل وجود إدارة أمريكية يقودها دونالد ترامب، وتأييدها غير المشروط لإسرائيل.

 

تصريحات لافتة ورسائل محسوبة

وفي مقابلة مع قناة "Channel 14" العبرية المؤيدة له، قال نتنياهو إن إسرائيل لن تكرر خطأ الانسحاب من غزة كما حدث عام 2005، مضيفًا: "سنبقى هناك، لا نريد تحويل غزة إلى قاعدة إرهابية أخرى كما حدث في الجنوب اللبناني"، مضيفًا أنه لن يسلم إدارة غزة لأي طرف آخر غير إسرائيل، سواء كانت السلطة الفلسطينية أو أي جهة دولية.

 

التصريحات جاءت ضمن حملة تعبئة للرأي العام الإسرائيلي في ظل تصاعد الضغوط الداخلية، وأزمة ثقة متزايدة بالحكومة، لكنها أيضًا تحمل رسائل للخارج، خصوصًا للولايات المتحدة، التي تبدو في عهد ترامب أقل اهتمامًا بفرض أي قيود على إسرائيل، مقارنة بالإدارات السابقة.

 

دعم أمريكي سياسي وغطاء مفتوح

منذ عودته إلى البيت الأبيض، قدّم ترامب دعمًا غير مسبوق لنتنياهو، بدءًا من تشريع السياسات الاستيطانية، وصولًا إلى تبرير العمليات العسكرية في غزة باعتبارها "دفاعًا عن النفس".

 

مصادر مقربة من البيت الأبيض أكدت أن إدارة ترامب لا تعارض "إعادة التواجد الإسرائيلي في غزة"، بل تعتبر ذلك خطوة نحو "تحقيق الاستقرار ومنع عودة حماس"، هذا الموقف يمثل تغييرًا جذريًا في السياسة الأمريكية التي طالما أكدت ضرورة حل الدولتين، وإبقاء غزة ضمن إطار السلطة الفلسطينية، لكن مع سيطرة اليمين الجمهوري على البيت الأبيض، اختفت هذه النغمة من الخطاب الرسمي.

 

حسابات الاحتلال: كلفة مرتفعة وشبح الاستنزاف

رغم التصعيد في اللهجة السياسية، تدرك المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن احتلال غزة مجددًا ليس قرارًا سهلًا، فعدد القتلى من الجنود الإسرائيليين يتزايد، والمقاومة ما تزال تحتفظ بقدرات نارية وعملياتية عالية، كما أثبتت خلال أشهر الحرب الأخيرة.

 

الجنرال الإسرائيلي السابق إسحاق بريك حذر في تصريحاته من أن "احتلال غزة قد يتحول إلى مستنقع دماء يشبه التجربة الأمريكية في العراق"، بينما أظهرت تقارير استخباراتية إسرائيلية أن التمركز داخل غزة سيتطلب على الأقل 30 ألف جندي بتمويل شهري ضخم يتجاوز مليار دولار.

 

من يملأ الفراغ؟

الخطة التي يروج لها نتنياهو تعتمد على فرض "منطقة أمنية" داخل غزة، ومن ثم الإشراف على إدارتها عبر سلطات عسكرية أو مجالس مدنية تخضع للرقابة الإسرائيلية، لكن هذا السيناريو يفتقر إلى شركاء محليين أو إقليميين، في ظل رفض السلطة الفلسطينية الانخراط في أي خطة دون انسحاب كامل، وتحذير دول عربية من مغبة فرض "احتلال مستتر" جديد.

 

صمود وتكلفة إنسانية

في الوقت الذي يتحدث فيه نتنياهو عن البقاء، تعيش غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخها، ورغم هذه الظروف، لم تتمكن إسرائيل حتى الآن من تفكيك البنية التحتية للمقاومة، ولم تحقق النصر الكامل الذي وعدت به القيادة السياسية، ما يعزز المخاوف من أن الاحتلال إن تحقق، لن يكون سوى بداية لفصل جديد من الصراع.


احتلال أم ورطة؟

وبينما يواصل نتنياهو تصعيده السياسي والعسكري، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ينجح فعلًا في إعادة احتلال غزة أم أنه يقود إسرائيل نحو ورطة سياسية وأمنية جديدة؟
الدعم الأمريكي بقيادة ترامب قد يوفر الغطاء، لكن الواقع الميداني والتكلفة البشرية والمقاومة المستمرة قد تعيد حسابات إسرائيل قبل أن تخطو إلى المجهول.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 10