العنف العشائري يستفحل في مناطق "قسد"

سامر الخطيب

2025.08.02 - 01:47
Facebook Share
طباعة

 شهدت مناطق شمال وشرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خلال شهر تموز موجة جديدة من العنف، تمثلت في تصاعد جرائم القتل والاقتتالات العشائرية، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وسط أجواء من القلق الشعبي والانفلات الأمني المتزايد.

 

في هذا السياق، تم تسجيل 8 جرائم قتل متعمدة خلال الشهر، وقعت معظمها في محافظات دير الزور، الرقة، الحسكة وحلب، وجاءت نتيجة عوامل متنوعة، منها الثأر العشائري، الخلافات الأسرية، أو بدوافع مالية، وبعضها ارتُكب في ظروف غامضة تشير إلى ضعف الردع الأمني وغياب منظومة العدالة الفاعلة.

 

ومن أبرز الجرائم، حادثة مقتل شابة على يد زوجها تحت تأثير المخدرات في مدينة الحسكة، ومقتل شابة أخرى برصاص عمها في الرقة عقب شجار عائلي، بالإضافة إلى جريمة اختطاف وقتل متعهد آبار نفط في دير الزور بعد طلب فدية من ذويه، وجريمة أخرى نفذها أب بحق ابنه بعد مشادة بينهما في بلدة الكبر.

 

كما تم العثور على جثث لضحايا في مناطق متفرقة، بعضها قُتل برصاص مجهولين، في ظل صمت رسمي وعجز واضح من الجهات الأمنية التابعة للإدارة الذاتية عن احتواء هذه الحوادث أو الكشف عن هوية مرتكبيها.

 

أما على صعيد الاقتتالات العشائرية، فقد تم توثيق 6 اشتباكات عنيفة اندلعت بين عشائر مختلفة في دير الزور والرقة، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى. في بعضها، تطورت خلافات فردية أو عقارات إلى مواجهات بالسلاح الخفيف، كما حصل في بلدة الجرنية ومدينة الطبقة بريف الرقة، حيث تحولت مشاجرات بسيطة إلى نزاعات عشائرية مسلحة خلفت إصابات وعمّقت الانقسامات الاجتماعية.

 

إحدى أكثر الحوادث مأساوية كانت مقتل طفل بطلق ناري خلال اقتتال عشائري بين عشيرتي "العلي" و"الحمدون"، ما أدى إلى ردود فعل غاضبة من ذوي الضحية، شملت إحراق منازل في مشهد ينذر بانفجار أوسع إن لم يُحتوَ سريعاً.

 

هذه التطورات تثير مخاوف متزايدة من عجز الإدارة الذاتية عن فرض سلطة القانون والحد من انتشار السلاح بين الأهالي، كما تكشف عن فجوة عميقة بين المكونات المحلية والأجهزة الأمنية، الأمر الذي قد يهدد بانفجار أمني أكبر إذا لم تُتخذ خطوات حقيقية وجادة لاحتواء هذا المسار التصعيدي.

 

في ظل غياب القضاء المستقل، وافتقار القوى الأمنية لردع فعلي، تبقى مناطق قسد عرضة لتكرار هذا النوع من العنف، ما يستدعي من الجهات المعنية إطلاق خطة عاجلة تعيد ضبط الأمن، وتكبح مظاهر التفلت التي بدأت تقوّض ما تبقى من استقرار اجتماعي في هذه المناطق.

 

ففي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الذاتية لتعزيز نموذجها في الحكم المحلي، يضعها هذا الواقع أمام اختبار حقيقي: هل يمكن الحفاظ على التماسك الاجتماعي في ظل ازدياد العنف العشائري والانفلات الأمني؟ الإجابة رهن بالإجراءات القادمة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1