خلايا التنظيم تضرب مجددًا في شرق سوريا.. حصيلة العمليات خلال تموز

سامر الخطيب

2025.07.31 - 04:38
Facebook Share
طباعة

 تصاعدت وتيرة الهجمات المسلحة التي تنفذها خلايا تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" خلال شهر تموز/يوليو، في مشهد يعكس بوضوح أن التنظيم، ورغم خسارته لمناطقه الجغرافية، لا يزال يحتفظ بقدرات أمنية مقلقة تُهدد الاستقرار الهش في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".


وفي ظل غياب حل سياسي شامل وتعقيدات المشهد الأمني، عاد التنظيم لتوظيف تكتيكاته التقليدية في استهداف الحواجز والنقاط الأمنية والعسكرية، بل ومدنيين، في هجمات باتت تتكرر بشكل شبه يومي، خصوصًا في محافظة دير الزور، التي لا تزال تشكّل المركز الرئيسي لنشاط خلاياه.


شهر دامٍ.. بالأرقام
خلال شهر تموز وحده، نُفّذت 22 عملية موثقة أدّت إلى سقوط 26 شخصًا بين قتيل وجريح، بينهم مدنيون. توزعت العمليات على الشكل التالي:
19 عملية في دير الزور: أدت إلى مقتل 6، بينهم مدني ومتعاون مع "قسد"، وإصابة 13 آخرين، من ضمنهم 3 مدنيين وسيدة.
2 عملية في الرقة: أسفرتا عن إصابة عنصرين من القوات العسكرية.
1 عملية في الحسكة: أدّت إلى مقتل 5 من عناصر قوى الأمن الداخلي "الأسايش".


وشملت الهجمات تنوعًا في الأسلوب: من استخدام الدراجات النارية والأسلحة الرشاشة، إلى القنابل اليدوية والقذائف الصاروخية، ما يدل على تنسيق محكم وسهولة في التحرك ضمن تضاريس معقدة وظروف أمنية رخوة.


هجمات متفرقة.. وضحايا كُثر
الهجمات التي رُصدت خلال هذا الشهر شملت كمائن ضد الحواجز، اغتيالات لعناصر "قسد" أو متعاونين معهم، واعتداءات على منشآت مدنية بحجة عدم دفع "الزكاة" المفروضة من قبل التنظيم على الأهالي وأصحاب المحال.


من أبرز العمليات، مقتل 5 من قوى الأمن الداخلي في هجوم على حاجز جنوب الحسكة في 13 تموز، بالإضافة إلى هجومين متزامنين في دير الزور يوم 25 تموز، استهدف أحدهما حاجزًا قرب معمل الغاز في كونيكو، والثاني سيارة عسكرية في بلدة الحوايج.


وفي 31 تموز، قُتل عنصر من "قسد" ومدني برفقته، خلال استهدافهم في الشعفة، ما يدل على أن التنظيم لا يفرّق كثيرًا بين أهدافه، بل يستخدم العنف كرسالة عامة لإرهاب البيئة المحلية وخلخلة تماسكها.


البيئة المواتية لعودة التنظيم
رغم الملاحقات الأمنية المستمرة، ما زالت خلايا التنظيم تجد في أرياف دير الزور، والحسكة، والرقة بيئة خصبة لإعادة التمركز. يعود ذلك لعدة أسباب:
- الجغرافيا المفتوحة والمعقدة، ما يسهل التحرك والفرار.
- ضعف التنسيق الأمني المحلي، وتضارب الصلاحيات بين الجهات العسكرية والإدارية.
- الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، التي تدفع بعض السكان إلى التغاضي عن نشاط التنظيم أو حتى التعاون معه خوفًا أو طمعًا.
- ثغرات في آلية الحوكمة والخدمات العامة، ما يُضعف ثقة السكان بالسلطات المسيطرة ويترك فراغًا تستغله التنظيمات المتطرفة.


حصيلة سنوية مثيرة للقلق
منذ بداية عام 2025، تم توثيق 139 عملية نفذتها خلايا التنظيم في مناطق "الإدارة الذاتية"، خلفت 55 قتيلاً وعشرات الجرحى، وتوزعت على الشكل التالي:
118 عملية في دير الزور: خلفت 23 قتيلًا من العسكريين و10 مدنيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى.
12 عملية في الحسكة: أسفرت عن مقتل 12 شخصًا، غالبيتهم من "الأسايش".
9 عمليات في الرقة: قُتل خلالها 6 عناصر من القوات العسكرية.


رسائل التنظيم وتحديات المرحلة المقبلة
هذه الهجمات لم تعد مجرد ردود فعل منعزلة، بل تحمل رسائل استراتيجية: التأكيد على استمرار وجود التنظيم، زعزعة ثقة السكان بالسلطات الأمنية، ومحاولة إحياء الشعور بالخوف والهيمنة عبر العنف والتهديد.


كما يُحاول التنظيم استعادة موارده المالية من خلال فرض "الزكاة" على المدنيين، وشن هجمات على من يرفضون الدفع، كما حدث في محطة المحروقات ببلدة الجرذي.


المطلوب: استراتيجية أمنية مختلفة
الوضع القائم يتطلب مراجعة جادة للخطط الأمنية الحالية. فلا يكفي الاعتماد على الحملات العسكرية المؤقتة، بل يجب:
- تعزيز التنسيق بين القوات الأمنية.
- زيادة الدعم اللوجستي والتقني لرصد التحركات.
- العمل مع المجتمع المحلي لكشف الخلايا النائمة.
- تحسين الظروف الاقتصادية والخدمية في تلك المناطق لتجفيف منابع التجنيد والتعاطف.


في النهاية، يبدو أن التنظيم لا يزال بعيدًا عن الهزيمة الكاملة. وفي غياب خطة شاملة تُدمج بين الأمن والسياسة والمجتمع، ستظل خلاياه قادرة على العبث بأمن شرق سوريا وتكريس مناخ الخوف والانفلات.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6