في مبدأ السيادة، لا خلاف: نحن مع الجيش اللبناني، مع الدولة، وضد كل سلاح غير شرعي. ولكن، في المعادلة الواقعية التي تحكم الإقليم، يطرح اللبناني العاقل سؤالًا مشروعًا: من يضمن التزام إسرائيل؟
في عالم اليوم، لم تستطع دول كبرى بحجم بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان مقاومة الضغوط الأميركية، فاستجابت لإملاءات إدارة ترامب. فكيف يكون حال لبنان، البلد الصغير الغارق بالأزمات، حين يتعرض لضغط أميركي مباشر، خُصّص له ممثل رئاسي أميركي يمارس مهامه يوميًا بلا هوادة؟
واقع الأمر أن لا دولة، ولبنان أولها، يمكنها الوقوف بوجه واشنطن دون أن تتلقى عقوبات قاسية تُشل اقتصادها وتُجَوّع شعبها. يكفي التذكير بإمكانية:
منع التحويلات المالية،
إخراج لبنان من نظام "سويفت"،
منع الطيران المدني،
وسلسلة من الإجراءات الخانقة الأخرى.
في ظل هذا الواقع، لا خيار أمام لبنان الرسمي سوى أن يتصرف كما يتصرف اليوم الرؤساء الثلاثة، بحذر وتدرّج. وفي هذا الإطار، فإن خطاب الرئيس العماد جوزف عون، جاء ممتازًا من حيث المضمون، ومعبّرًا عن نوايا وطنية صافية. أما مشروع الدولة الجامعة، فهو أكثر من حلم يتوق إليه اللبنانيون الوطنيون.
ومع ذلك، تبقى الثغرة الجوهرية في التطبيق:
ماذا لو لم تلتزم إسرائيل؟
ماذا لو بادر العدو إلى خرق الاتفاقات أو شن عدوان في لحظة ضعف لبنانية؟
هنا، يطلّ القلق من الزاوية التي يتجاهلها البعض:
المواطن الذي يملك "جفت صيد"، لا سلاحًا حربيًا، يسأل:
إذا لم تضمن الدولة حماية الحدود، فهل يُعقل أن نُجرد أنفسنا من كل وسائل الردع؟ ومن يتحمّل المسؤولية حينها؟
الحل لا يكون بالصدام.
الدولة يجب أن تبتعد عن الاحتماء بالحزب، كما أن الحزب لا يجب أن يحتمي بالدولة. لكل جهة مسؤولياتها، ويجب أن تُمارسها دون تصادم.
الدولة يمكنها أن تصدر القرارات التي تراها مناسبة، والحزب يمكنه أن يقرر عدم تنفيذها. وفي المحصلة، لا تملك الدولة اللبنانية قوة كافية لمواجهة حزب خاض معركة الخيام لمدة ستين يومًا ضد جيوش حلف الناتو مجتمعة، ولم يُهزم برًا.
فهل يُعقل أن يُهزَم على يد الجيش اللبناني، وهو جيشنا الوطني الذي نجلّه ونحترمه، لكننا لا نحمله فوق طاقته؟
فلتقدم الدولة على اتخاذ ما يجب من قرارات، وليتصرف من يخشى الغدر الاسرائيلي كما يجب ان يتصرف. ويا دار ما دخلك شر.