عملية سورية-عراقية مشتركة على الحدود

2025.07.31 - 11:46
Facebook Share
طباعة

 أعلنت السلطات في سوريا والعراق عن تنفيذ عملية نوعية مشتركة أسفرت عن إحباط محاولة تهريب كمية ضخمة من حبوب الكبتاغون عبر الحدود، وتوقيف عدد من المتورطين.


العملية التي جرت في 30 من تموز، جاءت بعد تبادل استخباراتي مكثف بين الجهات الأمنية المختصة، وأسفرت عن مصادرة أكثر من مليون وثلاثمئة وخمسين ألف حبة مخدّرة، وهي واحدة من أكبر الكميات التي يتم ضبطها خلال الأشهر الماضية. هذا النوع من العمليات يُنظر إليه كخطوة مفصلية في الحرب ضد تجارة المخدرات العابرة للحدود، والتي باتت تهدد استقرار المنطقة بأسرها.


اختراق أمني ونجاح استخباراتي
بحسب المعلومات المتوفرة، فإن العملية استندت إلى معلومات دقيقة جُمعت على مدار أسابيع من مصادر ضمن شبكات تهريب المخدرات النشطة على جانبي الحدود السورية-العراقية. وُضعت خطة أمنية محكمة لتنفيذ المداهمة بالتنسيق بين فرق مختصة في كلا البلدين، ونُفذت في وقت متزامن داخل الأراضي السورية.


أسفرت العملية عن ضبط أكثر من مليون و350 ألف حبة كبتاغون، أي ما يعادل تقريبًا طنين من المواد المخدرة، كانت مجهزة للتهريب عبر منافذ حدودية غير شرعية. وتم توقيف عدد من أفراد الشبكة، بينهم شخصيات توصف بأنها على صلة مباشرة بعمليات التهريب الإقليمي، وأُحيلوا إلى التحقيق.


تحوّل في العلاقات السورية-العراقية
بعيدًا عن الجانب الأمني، تعكس هذه العملية تنسيقًا غير مسبوق بين دمشق وبغداد، يأتي في أعقاب عودة العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي. فقد بدأت مؤخرًا مرحلة جديدة من الانفتاح السياسي بين الجانبين، توّجها اتصال مباشر بين رئيس الحكومة العراقية والرئيس السوري الجديد، تم فيه الاتفاق على تطوير التعاون في الملفات الأمنية والاقتصادية.


ويُعد تنفيذ عملية أمنية مشتركة بهذا الحجم مؤشرًا واضحًا على رغبة متبادلة في ضبط الحدود ومنع تحوّلها إلى ممر مفتوح لتجارة المخدرات والسلاح. فالعراق، الذي يعاني من تفشي المخدرات في محافظاته الجنوبية والوسطى، يرى في التعاون مع سوريا ضرورة إقليمية وليست مجرد خيار سياسي.


الكبتاغون: خطر يتوسع
حبوب الكبتاغون التي كانت تُعرف في الأصل كمادة طبية لعلاج الاكتئاب وفرط النشاط، تحوّلت خلال العقد الماضي إلى أكثر أنواع المخدرات انتشارًا في المنطقة. صغر حجمها وسهولة تهريبها وتزايد الطلب عليها في الخليج وأوروبا جعل منها تجارة مربحة لشبكات الجريمة المنظمة، خصوصًا في مناطق النزاع التي يسهل فيها تصنيعها وتخزينها بعيدًا عن أعين الرقابة.


وفي ظل ضعف البنية الأمنية لسنوات في سوريا، تحوّلت بعض المناطق إلى مراكز لإنتاج الكبتاغون، ما دفع دول الجوار إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تسلل هذه المواد إلى أسواقها..


أبعاد إقليمية ورسائل متعددة
نجاح هذه العملية لا يحمل بُعدًا أمنيًا فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشكل رسالة سياسية بأن هناك إرادة لدى الحكومات الجديدة في المنطقة لتطويق الخطر، خاصة في ظل تزايد الضغوط الدولية على العواصم المعنية لضبط تجارة المخدرات التي يُشتبه بتمويلها لجماعات مسلحة وأطراف خارجة عن القانون.


كما أن هذه الخطوة قد تمهد لتعاون أوسع يشمل الأردن ولبنان والسعودية، في إطار جهد إقليمي شامل لمحاربة التهريب وضبط الحدود، في ظل تصاعد المؤشرات على أن المنطقة باتت مهددة بما يشبه "تسونامي مخدرات" إذا لم تُتخذ خطوات صارمة عاجلة.


تحديات المستقبل
ورغم النجاح الكبير للعملية الأخيرة، إلا أن الحرب على المخدرات لا تزال في بدايتها. فالشبكات الإجرامية التي تقف وراء تجارة الكبتاغون تملك القدرة على التكيّف مع الظروف الأمنية، وتنتشر على مساحات واسعة من الجغرافيا المتداخلة بين سوريا والعراق ولبنان، وصولًا إلى الخليج.


التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة سيكون الحفاظ على زخم التعاون الأمني، وتوفير الإرادة السياسية الدائمة لملاحقة هذه الشبكات، خاصة أن كثيرًا منها يرتبط بعلاقات معقدة مع مافيات دولية ومجموعات مسلحة محلية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 2