في تطور لافت على الساحة السورية، أعلنت قيادة الأمن الداخلي في مدينة حلب عن إلقاء القبض على اللواء الطيار السابق عماد نفوري، أحد أبرز القادة العسكريين في عهد النظام المخلوع، والمتهم بارتكاب جرائم واسعة ضد المدنيين خلال سنوات الحرب.
وجاء الاعتقال بعد عملية أمنية دقيقة نفذتها وحدات الاستخبارات التابعة لفرع الأمن في حي العزيزية، حيث تم تتبّع تحركات نفوري ومحاولته الهروب خارج البلاد باستخدام أوراق مزورة، قبل أن يتم ضبطه وإحالته إلى القضاء المختص لمحاسبته على الجرائم المنسوبة إليه.
من قائد في الجو إلى متهم بجرائم ضد المدنيين
ينحدر نفوري من مدينة النبك في ريف دمشق، وتدرج في الرتب العسكرية داخل سلاح الجو السوري منذ التحاقه بالدورة التاسعة في الكلية الجوية. بدأ مسيرته طيارًا على طائرات “ميغ 29” في السرب 699 ضمن “اللواء 17” المتمركز في مطار السين بريف دمشق. بمرور السنوات، ترقى إلى مناصب عليا، منها رئاسة أركان “اللواء 30” في مطار الضمير، ثم قيادة “اللواء 17”، قبل أن يُعيّن لاحقًا مديرًا لإدارة العمليات الجوية في قيادة القوى الجوية السورية.
المنصب الأخير الذي شغله يُعدّ من أخطر المناصب في السلاح الجوي، حيث تمر عبره جميع أوامر العمليات الجوية، ما يجعله مسؤولًا بشكل مباشر عن الغارات الجوية التي استهدفت عشرات المدن والبلدات السورية على مدار سنوات الحرب.
قصف مسقط رأسه
أحد أبرز المحطات المظلمة في سجل نفوري هي إشرافه المباشر على قصف مدينة النبك، مسقط رأسه، عام 2015، في واحدة من أكثر العمليات العسكرية دموية التي شهدتها المنطقة. هذه العملية، التي وُصفت بأنها كانت "عقابية" بحق السكان، ساهمت في ترقيته إلى مناصب أعلى، شملت قيادة "الفرقة الجوية 20" في الضمير، ومن ثم المقر الموحد الجنوبي، قبل أن يصبح مديرًا لإدارة العمليات الجوية عام 2019.
ويحمّله العديد من السوريين مسؤولية مباشرة عن سقوط آلاف الضحايا نتيجة الغارات الجوية التي أمر بها أو أشرف عليها، في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، مثل حلب وريف دمشق وإدلب ودير الزور.
عمليات أمنية متزامنة في الساحل
في سياق موازٍ، أعلنت وزارة الداخلية عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية في محافظة اللاذقية، أسفرت عن تفكيك خلية وصفت بـ"الإرهابية"، بقيادة شخص يُدعى ماهر حسين علي، متورط سابقًا في تنفيذ هجمات ضد مواقع أمنية في الساحل السوري.
وقال العميد عبد العزيز هلال الأحمد، قائد الأمن الداخلي في اللاذقية، إن عملية ضبط الخلية تمت خلال أقل من 24 ساعة، بعد ورود معلومات استخباراتية دقيقة حول استعداد عناصرها لتنفيذ هجمات جديدة في المنطقة.
ووفقًا للتحقيقات الأولية، فإن هناك أدلة على وجود تنسيق مباشر بين قائد الخلية وعدد من الشخصيات الأمنية والعسكرية المثيرة للجدل، على رأسهم ماهر الأسد، والوضاح سهيل إسماعيل، قائد ميليشيا تُعرف باسم “فوج المكزون”.
تخطيط لزعزعة الأمن
بحسب بيان وزارة الداخلية، فإن هذه الخلية كانت تعمل ضمن مخطط أوسع يستهدف زعزعة الاستقرار في الساحل السوري، وتأجيج التوترات داخل المناطق التي شهدت نسبيًا استقرارًا في الشهور الماضية، خصوصًا مع بدء خطوات إعادة الإعمار وعودة بعض النازحين.
ورأت الوزارة أن هذه التحركات تحمل بصمات واضحة لمجموعات تعمل على تأجيج الصراعات الداخلية مجددًا، في محاولة لإعادة البلاد إلى مربع الفوضى.