في تطور لافت للأحداث جنوب سوريا، دخلت محافظة السويداء قبل يومين حالة من الهدوء الحذر بعد 10 أيام من الإقتتال والإشتباكات المسلحة التي أدت لسقوط ضحايا مدنيين وحرق واسع في بعض القرى الحدودية مع محافظة درعا والتي بلغ عددها ما يقارب 30 قرية .
جاء هذا الهدوء نتيجة ضمانة أطراف دولية منها تركيا وأمريكا وفق ما أفاد به الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث نجحت هذه الضمانات بوقف إطلاق النار وإنسحاب كافة مقاتلو العشائر التي كانت قد دخلت عدة قرى وبلدات من الريف الشرقي لمحافظة درعا وسيطرت على عدة قرى منها المزرعة وولغا والمجدل والدارة وغيرها، كما انسحبت قوات وزارة الدفاع والأمن العام من هذه البلدات ما خفف من حدة التوتر وأعادة شيئاً من الإستقرار النسبي إلى المنطقة.
وعلى الرغم من حالة الهدوء إلا أن آثار النزاع لا تزال واضحة على الجانب الإنساني، مخلفاً واحدة من أضخم موجات النزوح الداخلي منذ بضعة سنوات، ووفقاً لتصريحات محافظ درعا السيد أنور طه الزعبي، فقد نزحت أكثر من 5600 عائلة من بدو السويداء إلى مراكز الإيواء التي أنشأتها الحكومة السورية في مدن وبلدات درعا وهذا رقم يعكس حجم المأساة التي تعرضت لها هذه الفئة من السكان، نُقلت معظم هذه العائلات عبر خمسة قوافل منظمة خرجت من محافظة السويداء برعاية الهلال الأحمر العربي السوري، فيما بعض هذه العائلات التي خرجت ضمن القوافل عائلات من سكان محافظة السويداء واتجهوا نحو العاصمة دمشق وريفها إلى مناطق صحنايا وجرمانا، اللتان تعرفان بغالبيتهما من أبناء الطائفة الدرزية.
كما أكد مسؤول فريق الدفاع المدني بدرعا أن من بين اللذين تم إجلاؤهم عدد من الرعايا الأجانب، تم إخراجهم بشكل آمن مساء أمس وتوجهوا نحو العاصمة دمشق.
اما على صعيد النزوح الداخلي، فتشير التقديرات إلى أن عدد النازحين داخل السويداء تجاوز 100 الف شخص وفق وزارة الطوارئ والكوارث، تنقلوا من قرى شهدت اشتباكات وأوضاعاً متوترة وعمليات حرق للمنازل نتيجة تصاعد أعمال العنف، نزحوا الى مناطق أكثر هدوءاً في الريف الشرقي في ظل نقص حاد بالخدمات الأساسية لاسيما المياه والوقود والمواد الطبية والغذائية على الرغم من إدخال 5 قوافل تحمل على متنها مواد غذائية وطبية ومحروقات.
وفي الوقت الذي تبذل فيه الجهات الإنسانية جهوداً حثيثة لتأمين إحتياجات النازحين، إلا أن حجم الإحتياجات يفوق الإمكانيات المتوفرة، حيث تفتقر بعض مراكز الايواء للبنية التحتية اللازمة وتسجل حالات يومية من الأهالي حول نقص المواد الغذائية والصحية وغيرها.
ومع أن إتفاق وقف إطلاق النار أعاد شيئًا من الإستقرار النسبي، إلا أن قلق سكان المحافظة ما زال حاضراً بقوة في ظل غياب أي رؤية طويلة المدى للحل أو ضمانات حقيقية تمنع تكرار المواجهات، ويخشى الكثير من النازحين من أن يتحول النزوح المؤقت إلى حالة طويلة الأمد كما حصل في مناطق سورية أخرى خلال السنوات العجاف التي مرت بها سوريا.
وفي السياق ذاته، دعا عدد من النشطاء المحليين والمنظمات الحقوقية والحكومة السورية إلى ضرورة إجراء تقييم شامل للأوضاع الإنسانية في السويداء، وضمان عودة كريمة للمهجرين وتقديم تعويضات للأهالي المتضررين من الخراب الذي حلَّ بمنازلهم وممتلكاتهم.
في الوقت الراهن تتركز الجهود المحلية والدولية على تثبيت التهدئة، واستمرار وقف إطلاق النار وتوفير ممرات آمنه لإدخال المزيد من المساعدات، وإجلاء من يريد الخروج من المحافظة، بينما ينتظر معظم سكان الجنوب السوري بترقب لتطور المشهد السياسي والميداني في الأيام المقبلة.