بينما تواصلت اللقاءات الدولية في باريس حول الملف اللبناني، أظهرت انطباعات خارجية متزايدة خيبة أمل من الأداء اللبناني، خصوصاً في ما يتعلق بموقفه من الورقة الأميركية المطروحة لنزع سلاح "حزب الله". وتزامن ذلك مع تلويح أميركي ـ إسرائيلي بتصعيد محتمل، وسط حديث دبلوماسي عن احتمال دخول البلاد في "أيلول ساخن".
لقاءات في باريس وتحفظات دولية
في باريس، اجتمع الموفد الأميركي توم براك بنظيره الفرنسي جان إيف لودريان، في إطار مراجعة نتائج محادثاته في بيروت. وقد ناقش الطرفان الرد اللبناني على الورقة الأميركية، إضافة إلى ملف التجديد لقوات "اليونيفيل".
ورغم الإيجابية التي رافقت استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الحكومة نواف سلام، فإن مصادر متابعة لم تخفِ الأجواء الحذرة في باريس، خصوصًا في ما يتعلق بملف الإصلاح ونزع سلاح "حزب الله"، وترسيم الحدود مع إسرائيل وسوريا.
براك: التباطؤ اللبناني خطر... ولا ضمانات
بحسب ما أفادت مراسلة "النهار" في باريس، أبلغ براك الجانب الفرنسي أن لبنان لا يُبدي أي تقدم في مسألة نزع سلاح "حزب الله"، محذراً من أن استمرار هذا النهج قد يدفع إسرائيل إلى العودة لعملياتها ما قبل كانون الثاني. أما الوزير الفرنسي بارو، فشارك براك هذه الهواجس، وتحدث عن ضرورة التحرك بجدية لتفادي التصعيد.
وفي لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، شدد براك على أن لا ضمانات أميركية يمكن تقديمها للحزب، لافتًا إلى أن مهلة الأشهر الثلاثة المطروحة لتنفيذ نزع السلاح ليست قابلة للتمديد من دون ثمن سياسي.
السعودية: لا مساعدات بلا "دولة طبيعية"
في السياق، أبدى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال لقاء مع نظيره الفرنسي في باريس استياءً شديدًا من أداء الدولة اللبنانية، مؤكدًا أن "السعودية لن تساعد لبنان إذا لم يتحول إلى دولة طبيعية تسيطر فيها الحكومة على الأمن والسلاح".
نهاية الوساطة؟
مصادر دبلوماسية مطّلعة على المحادثات أوضحت أن فرص نجاح وساطة براك باتت محدودة، معتبرة أن أي زيارة مقبلة له ستكون "للعلاقات العامة فقط". كما ألمحت إلى أن الإدارة الأميركية "نفضت يدها" من العملية، ما يفتح المجال أمام خيارات أكثر تشددًا تقودها إسرائيل، التي تطالب بتجريد "حزب الله" من أي بنية عسكرية، بما فيها الأسلحة الخفيفة.
الموقف اللبناني: الرد ثابت و"الكرة في الملعب الأميركي"
من جهتها، تمسكت مصادر رسمية لبنانية بالموقف الذي أبلغه لبنان في رده على الورقة الأميركية، مؤكدة أنه لا يخضع للتعديل بعد أحداث سوريا الأخيرة، ويستند إلى مبدأ السيادة والمصلحة الوطنية. ونقل زوار عين التينة أن رئيس البرلمان نبيه بري قدّم تصورًا متكاملًا يتضمن تزامنًا في تنفيذ الخطوات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وضرورة التمسك باتفاق وقف إطلاق النار.
تحذيرات من "أيلول أمني"
مصادر نيابية ودبلوماسية حذرت من أن الجمود الحالي قد يقود إلى تصعيد ميداني، وربما مواجهة جديدة، خصوصًا مع تعثر الجهود الدبلوماسية، وعدم وجود التزام دولي واضح باحتواء الوضع. وطرحت تساؤلات حول ما إذا كان "أيلول المقبل" سيكون بداية تصعيد أمني جديد.