أثار حذف الأزهر الشريف لبيان كان قد نشره على منصاته الرسمية، وتضمن نداءً عاجلاً لإنقاذ غزة من المجاعة، موجة واسعة من الجدل والتساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي. البيان، الذي حمل توقيع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لم يظل منشورًا سوى دقائق معدودة قبل أن يُزال من جميع حسابات المؤسسة، وهو ما فتح باباً للتكهنات والانتقادات.
البيان المحذوف كان قد وجه نداءً "عالمياً" وصف فيه ما يحدث في غزة بأنه مجاعة قاتلة، واعتبر أن الضمير الإنساني بات على المحك، محذّراً من أن من يدعم الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح أو بالقرارات السياسية شريك مباشر في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
ورغم أن البيان بدا منسجماً مع المواقف التاريخية للأزهر في الدفاع عن القضايا العادلة، فإن حذفه المفاجئ فجّر موجة استنكار عبر منصات التواصل، حيث اعتبر كثيرون أن الخطوة تعكس ضغوطاً سياسية أو رقابة مشددة على المؤسسة الدينية الأعرق في العالم الإسلامي.
ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل
مغردون ومدونون من مختلف التوجهات عبّروا عن استغرابهم من حذف البيان في لحظة حساسة تمر بها القضية الفلسطينية، متسائلين عن السبب الحقيقي وراء التراجع، وهل جاء نتيجة ضغوط خارجية أم قرار داخلي اتُّخذ خشية التصعيد الإعلامي أو السياسي.
أحد النشطاء كتب: "حذف بيان الأزهر ليس مجرد تصرف إداري، بل مؤشر على محاولات تكميم صوت الحق في زمن يشتد فيه الحصار على غزة، ليس فقط بالسلاح والجوع، بل أيضاً بالصمت."
وفي تعليق آخر، كتب أحد المدونين: "البيان الذي وُصف بأنه صرخة في وجه الصمت الدولي، لم يصمد أكثر من دقائق. فهل أصبح الأزهر خاضعاً لإرادات خارجية؟ وأين استقلاله التاريخي الذي لطالما افتخر به؟"
انقسام في الرأي العام
وفيما عبّر البعض عن صدمتهم من حذف بيان وُصف بأنه "أقرب إلى بيان ديني عالمي منه إلى بيان رسمي"، أشار آخرون إلى أن البيان نفسه لم يكن كافياً، واعتبروه مجرد محاولة لتسجيل موقف شكلي دون أي خطوات عملية أو توجيه ديني مباشر يوازي حجم الكارثة الإنسانية في غزة.
كما رأى البعض أن حذف البيان لم يكن مستغرباً، بل كان متوقعاً، نظراً لما احتواه من لهجة حادة تجاه المجتمع الدولي والداعمين للاحتلال، وهي لهجة قد لا تتوافق مع السياقات السياسية التي تتحرك فيها مؤسسات رسمية في العالم العربي.
صوت الضمير لا يُحذف
على الرغم من حذف البيان، أكد كثير من المتفاعلين أن محتواه سيظل حيّاً في ذاكرة المتابعين، وأن "صوت الأزهر"، بما يحمله من رمزية دينية وتاريخية، يجب أن يكون أكثر وضوحاً وجرأة في مواجهة المظالم، لا سيما في قضية مثل غزة، التي تُعدّ اختباراً حقيقياً للضمير العربي والإسلامي.
في النهاية، يطرح هذا الحادث تساؤلات أوسع حول حدود استقلال المؤسسات الدينية في المنطقة، ودورها في التعبير عن مواقف الأمة في القضايا المصيرية. أما بيان الأزهر، وإن تم حذفه إلكترونياً، فقد أثار من جديد نقاشاً لا يمكن حذفه بسهولة من الوجدان العام.