إسرائيل تضغط لإفراغ الجنوب من السلاح

سامر الخطيب

2025.07.21 - 10:59
Facebook Share
طباعة

 كشفت مصادر دبلوماسية غربية عن تحركات إسرائيلية مكثفة تهدف إلى إنشاء منطقة خالية من السلاح تمتد من الجولان إلى محافظة درعا، عبر فرض شروط أمنية على الدولة السورية بالتنسيق مع أطراف دولية ضامنة. وأكدت المصادر أن إسرائيل طلبت رسميًا من السلطات السورية سحب وحدات الجيش والمعدات العسكرية الثقيلة من محافظة درعا، في خطوة اعتبرها مراقبون جزءًا من سياسة إسرائيلية مستمرة لفرض واقع أمني جديد في الجنوب السوري.


الطلب الإسرائيلي، الذي نُقل عبر وسطاء دوليين معنيين باتفاق وقف إطلاق النار في محافظة السويداء بتاريخ 19 تموز الجاري، يتضمن تقليص الوجود العسكري السوري في هذه المناطق إلى عناصر من قوى الأمن العام فقط، ووفق شروط ميدانية صارمة.


قيود إسرائيلية على حركة القوات السورية
وبحسب المصادر، فإن الجانب الإسرائيلي أبدى استعداده للموافقة على وجود مؤقت لعناصر من أجهزة الأمن السورية في بعض المناطق الحدودية المحاذية للسويداء، ولمدة لا تتجاوز 48 ساعة، شريطة أن تقتصر مهمتهم على تهدئة النزاع المحلي بين الفصائل المسلحة من أبناء الطائفة الدرزية وبعض العشائر البدوية. ويُمنع على تلك القوات، وفق هذا التفاهم، دخول محافظة السويداء أو تعزيز مواقعها هناك.


خطة إسرائيلية أوسع لفرض واقع جديد
التحركات الإسرائيلية لا تقتصر على منطقة السويداء، بل تشير المعطيات إلى خطة أوسع تستهدف تفريغ المناطق الجنوبية من أي وجود عسكري سوري فاعل، تمهيدًا لفرض معادلة أمنية جديدة تخدم المصالح الإسرائيلية في عمق الجنوب السوري. ويرى مراقبون أن إسرائيل تسعى لاستثمار الفراغ الأمني الحاصل بعد انسحاب الجيش السوري من مواقع عدة، بهدف خلق مناطق نفوذ غير مباشرة قد تتطور لاحقًا إلى كيانات ذات طبيعة منفصلة عن الدولة المركزية.


ويأتي هذا النهج ضمن ما تصفه المصادر بـ"التحكم بالعمق الاستراتيجي السوري" جنوبًا، عبر الحد من قدرة الدولة السورية على إعادة تمركز قواتها أو استعادة نفوذها في المناطق المتاخمة للجولان المحتل.


نتنياهو يؤكد على سياسة "الفراغ العسكري"
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن خلال تصريحات سابقة أن بلاده تتبنى سياسة واضحة تجاه سوريا، تقوم على ضرورة إبقاء المنطقة الممتدة من هضبة الجولان إلى جبل الدروز خالية من أي تشكيلات عسكرية، سواء تابعة للجيش السوري أو لفصائل أخرى . واعتبر نتنياهو أن هذا الأمر يدخل في صلب العقيدة الأمنية الإسرائيلية ولا مجال للتفاوض بشأنه.


وأكدت تصريحات نتنياهو الأخيرة أن إسرائيل "لن تسمح بإعادة نشر قوات سورية" قرب حدودها الشمالية، مشيرًا إلى أن الحفاظ على أمن إسرائيل يقتضي وجود منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قواته وبين أي تواجد عسكري سوري.


انتقادات لتحركات إسرائيل في الجنوب
وتواجه إسرائيل انتقادات واسعة من عدة جهات دبلوماسية وإقليمية، تتهمها باستغلال النزاعات المحلية في الجنوب السوري لتوسيع نفوذها وفرض شروطها الأمنية بشكل غير مباشر. كما تُتهم تل أبيب بمحاولة تعطيل أي مسار وطني سوري لإعادة الاستقرار إلى المناطق الجنوبية، لا سيما بعد انسحاب الجيش السوري من السويداء باتجاه دمشق، في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة، والتي استهدفت مواقع عسكرية سورية بذريعة وجود تهديدات أمنية على الحدود.


ويرى مراقبون أن تكرار هذه الغارات، واشتراط إسرائيل انسحاب القوات السورية من مناطقها السيادية، يعد انتهاكًا واضحًا للسيادة السورية وتدخلاً مباشرًا في رسم خريطة التوازنات الداخلية، ما يثير مخاوف من تقسيم فعلي قد يبدأ من الجنوب.


مستقبل الجنوب السوري في مهب التجاذبات
في ضوء التطورات الأخيرة، يبقى الجنوب السوري عرضة لتجاذبات إقليمية معقدة، حيث تسعى أطراف إقليمية ودولية لإعادة رسم خارطة النفوذ عبر أدوات سياسية وأمنية غير مباشرة. وفي حين تبذل دمشق جهودًا لإعادة تثبيت حضورها في المحافظات الجنوبية، تواصل إسرائيل العمل على إفراغ هذه المناطق من أي وجود عسكري رسمي، في محاولة لفرض معادلة ردع أحادية الجانب تُهدد وحدة الأراضي السورية وتفتح الباب أمام تدخلات إضافية في المرحلة المقبلة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5