السويداء تلتقط أنفاسها بعد أسبوع دموي

سامر الخطيب

2025.07.20 - 10:27
Facebook Share
طباعة

 
بدأت محافظة السويداء جنوب سوريا بالخروج من واحدة من أعنف جولات العنف الداخلي التي شهدتها البلاد منذ أعوام، بعد إعلان رسمي بوقف إطلاق النار بين الفصائل المحلية والعشائر المسلحة، عقب تدخل مباشر من القوات الأمنية السورية وانتشارها في محيط المدينة وداخلها.


هدوء حذر يسود المحافظة، بعد أيام من الاشتباكات الدامية التي تخللتها عمليات قصف وتبادل نار عنيف، راح ضحيته المئات بين قتيل وجريح، وتسببت في تهجير العديد من العائلات وخروج مؤسسات حيوية عن الخدمة.


الجهات الرسمية أكدت أن الاتفاق جرى التوصل إليه بعد جهود مكثفة على الأرض، شملت وساطات أهلية وتنسيقًا ميدانيًا واسعًا لفرض التهدئة. وتمركزت قوات الأمن الداخلي في الريف الغربي والشمالي للسويداء، تمهيدًا لتوسيع انتشارها تدريجيًا في بقية المناطق الحيوية ضمن خطة إعادة فرض الاستقرار وإعادة مؤسسات الدولة للعمل.


الاستجابة الحكومية لم تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل شملت أيضًا إرسال قوافل طبية عاجلة إلى المحافظة تضم عشرات سيارات الإسعاف وكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الإسعافية، في وقت شكّلت فيه لجنة طوارئ تضم جهات وزارية وخدمية بهدف إدخال مساعدات إنسانية عاجلة، والبدء بإصلاح الأضرار الناتجة عن المواجهات.


من جهة أخرى، أظهرت مواقف الفصائل المسلحة والعشائر نوعًا من الالتزام المبدئي بوقف القتال، رغم اللهجة التحذيرية التي صدرت من بعض القيادات التي لوّحت برد "قاسٍ" على أي خرق للاتفاق من قبل أي طرف. في المقابل، تواترت دعوات من أوساط مجتمعية في السويداء للتهدئة وتغليب لغة العقل والحوار، وسط إدراك جماعي لحجم المخاطر التي كادت تعصف بالنسيج الاجتماعي للمنطقة.


التوترات الأخيرة ألقت الضوء مجددًا على وضع الطائفة الدرزية في سوريا، حيث برزت أصوات داخلية عبّرت عن شعورها بالتهميش والخوف من التصفية أو الإقصاء، في ظل تحول مناطقها إلى ساحات اشتباك إقليمي، خاصة بعد الضربات الجوية التي شنتها إسرائيل مؤخرًا بذريعة "حماية الدروز"، ما فُسّر في الداخل السوري على أنه تدخل مرفوض في الشأن الوطني.


التصعيد الإسرائيلي المفاجئ، الذي طال مواقع حساسة في دمشق والسويداء، جاء بعد إعلان تل أبيب أنها "ملزمة بحماية الدروز"، الأمر الذي أعاد النقاش مجددًا حول طبيعة التوظيف السياسي للطائفة الدرزية في صراعات المنطقة، خاصة أن دروز الجولان المحتل لطالما رفضوا الاندماج الكامل في الكيان الإسرائيلي، متمسكين بهويتهم السورية.


التدخل الإسرائيلي زاد من تعقيد المشهد، وأربك الجهود الرامية لاحتواء التصعيد، خصوصًا بعد انسحاب مؤقت للقوات الحكومية مساء الأربعاء الماضي في إطار تفاهم غير معلن مع الفصائل المسلحة، ما أدى إلى تصاعد العنف وانفجار الوضع ميدانيًا.


ومع ارتفاع حصيلة الضحايا إلى أكثر من 300 قتيل وأكثر من 1600 جريح، وفق تقديرات محلية، بدأت المخاوف تتزايد من إمكانية تجدد القتال إذا لم تُستكمل خطوات الحل بسرعة وحذر، تشمل نزع السلاح، وإنهاء الوجود المسلح غير النظامي، وفتح المعابر الإنسانية، والبدء بإعادة إعمار المناطق المتضررة.


وسط هذه التحديات، يبقى مستقبل السويداء مرهونًا بمدى قدرة الدولة على ضبط الأمن، وتقديم ضمانات حقيقية للمصالحة، وتعزيز الثقة بين جميع المكونات، خاصة في ظل تصاعد المطالب الشعبية بإعادة توزيع السلطة ودمج الجميع في مؤسسات الدولة بشكل عادل ومتوازن.


السويداء اليوم تترقب ما إذا كان هذا الهدوء الحذر سيترجم إلى استقرار طويل الأمد، أم أنه مجرد هدنة مؤقتة في مشهد سياسي وعسكري بالغ التعقيد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7