بعد اشتباكات دامية استمرت لأربعة أيام، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 360 شخصاً، بدأت وحدات من الجيش السوري الانسحاب من مدينة السويداء، عقب دخول قوات تابعة للأمن العام لاستلام النقاط والمقار التي كانت تحت سيطرة الجيش. الخطوة جاءت بعد فرض القوات الحكومية سيطرتها على معظم أحياء المدينة، وإنهاء التمرد المسلح الذي شهده الجنوب السوري خلال الأيام الماضية.
الحصيلة الثقيلة للضحايا شملت مدنيين ومقاتلين محليين وعناصر من القوات الحكومية، فيما لا تزال فرق الإسعاف والدفاع المدني تنتشل جثثاً، وسط أنباء عن عشرات المفقودين والجرحى في حالات حرجة. وتحدثت مصادر محلية عن عمليات إعدام ميداني داخل المشفى الوطني، حيث وُجدت جثث لعناصر من الجيش والأمن أُعدموا أثناء تلقيهم العلاج.
الرئيس السوري أحمد الشرع علّق على التطورات في خطاب رسمي، قائلاً:
"أهلنا من الدروز جزء لا يتجزأ من نسيج الوطن، وحمايتهم كانت وستبقى أولوية. اخترنا التهدئة ومنح الوقت للحل الداخلي برعاية عقلاء السويداء بدلاً من التورط في نزاع دموي أوسع."
وأكد الشرع أن الدولة تدخلت في اللحظة المناسبة لإنهاء ما وصفه بـ"الاقتتال الداخلي"، مشيراً إلى أن الجيش أتم مهمته بنجاح وسلم الأمن إلى الأجهزة المختصة، مع التعهّد بـمحاسبة كل من ارتكب تجاوزات خلال العملية، سواء من داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية أو من المجموعات المسلحة التي شاركت في العنف.
في السياق نفسه، بدأت وزارة الداخلية بنشر وحداتها في قلب المدينة، وسط انتشار أمني مكثف ونقاط تفتيش، في محاولة لاحتواء التوتر ومنع تجدّد المواجهات. وتعمل الأجهزة الرسمية حالياً على حصر الأضرار وتوثيق الانتهاكات التي وقعت خلال الأيام الماضية.
في هذه الأثناء، تسود حالة من الحذر بين سكان السويداء، وسط انقسام في الرأي العام بين من يرى في ما حدث نهاية لمرحلة الفوضى، ومن يعتبر ما جرى تصفية حسابات سياسية وأمنية تحت غطاء "فرض الأمن".
وفي ظل التحركات الأمنية الجارية، تلوح في الأفق تساؤلات كبرى حول مستقبل الجنوب السوري، ودور القوى المحلية في المرحلة القادمة، في وقت تتعهد فيه الحكومة بأنها ماضية في ضبط الأمن ومحاسبة كل من تورط في سفك دماء السوريين.