متاجر الدولار تغزو حلب بأسعار مغرية

رزان الحاج

2025.07.15 - 01:43
Facebook Share
طباعة

 شهدت مدينة حلب في الأشهر الأخيرة موجة انتشار سريعة لمتاجر تحمل أسماء مثل "ون دولار" و"مملكة الدولار"، تبيع بضائع متنوعة بأسعار تبدأ من 10 آلاف ليرة سورية فقط، وهو ما يعادل تقريبًا دولارًا أميركيًا واحدًا حسب سعر السوق السوداء. فكرة هذه المتاجر ليست جديدة على المنطقة، إذ تشبه إلى حد كبير النموذج الذي اعتمدته متاجر "الدولار الواحد" في لبنان خلال فترات أزمته الاقتصادية، لكنها في الحالة السورية تكتسب طابعًا مختلفًا نتيجة تردي الواقع المعيشي وغياب البدائل الفعلية.

بداية التجربة كانت في حي سيف الدولة، حيث افتُتح أول متجر من هذا النوع، ولاقت فكرته رواجًا واسعًا شجّع أصحابه على افتتاح فرع آخر في حي الفرقان بعد شهر فقط، بمساحة أكبر وتنوع سلع أكثر. من أدوات منزلية بسيطة إلى ألعاب أطفال ومنتجات تنظيف وقرطاسية، باتت هذه المتاجر مقصدًا يوميًا لعائلات تسعى لتدبير احتياجاتها بأقل التكاليف الممكنة.

الإقبال الكثيف جعل من هذه المتاجر مشاهد اعتيادية للازدحام، حيث ينتظر الزبائن لساعات أحيانًا من أجل الدخول بالتناوب. وتعمل بعض هذه المحال حتى بعد منتصف الليل لتلبية الطلب المتزايد، ما يدل على حجم التفاعل الشعبي مع الفكرة.

ربات منازل تحدثن عن فارق الأسعار الكبير مقارنة بالمتاجر التقليدية، واعتبرن أن زيارة واحدة لمتجر "الدولار" تكفي لتأمين مستلزمات يومية بأسعار معقولة، خاصة في ظل تآكل قيمة الدخل الشهري. وفي مقابل الترحيب الشعبي، أبدى البعض شكوكًا حول جدوى استمرار هذه المتاجر بنفس الأسعار، متسائلين إن كانت قادرة على تحقيق أرباح فعلية أو أنها تعتمد على هامش تسويقي قصير الأمد. بعض الزبائن لاحظوا أن الأسعار في بعض أقسام المتجر لا تختلف كثيرًا عن المولات المعروفة، ما يشير إلى وجود توازن مدروس في التسعير، حيث يتم تعويض الخسارة في بعض المنتجات بأرباح في أخرى.

ورغم هذه الملاحظات، لم يؤثر ذلك على حجم الإقبال المتزايد، بل على العكس، دفعت موجة النجاح تلك إلى التوسع بافتتاح متاجر جديدة في أحياء إضافية. وبات من المتوقع قريبًا إطلاق سلسلة تحت اسم موحّد أكثر تنظيمًا يحمل الطابع التجاري العالمي "One Dollar Store"، في محاولة لتحويل التجربة من مبادرة فردية إلى مشروع منظم يمكن تعميمه في مدن سورية أخرى.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الفكرة سبق أن طُبقت في مدن مثل دمشق والباب وأريحا، لكنها لم تحقق في تلك المدن ما تحققه اليوم في حلب من حيث الانتشار والاهتمام الشعبي، ما قد يرتبط بالحجم السكاني للمدينة وغياب المنافسة الفعلية في السوق.

انتشار متاجر "الدولار الواحد" يعكس جانبًا من تأقلم السوريين مع الأزمة الاقتصادية الممتدة، حيث باتت الأفكار البسيطة والقريبة من حاجات الناس اليومية تملك فرصًا أكبر في السوق من المشاريع التقليدية الكبرى. وبينما لا تزال فئة من السكان تتساءل عن سر بقاء الأسعار منخفضة بهذا الشكل، يرى آخرون في هذه التجربة بارقة أمل وسط واقع اقتصادي خانق.

ما إذا كانت هذه المتاجر قادرة على الاستمرار والانتشار في ظل تعقيدات الاقتصاد السوري يبقى سؤالًا مفتوحًا، لكن المؤكد هو أنها حققت في وقت قياسي ما لم تحققه مشاريع كثيرة: رضا المواطن العادي واندماج سريع في السوق.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3