هدوء هش في السويداء بعد وقف إطلاق النار - متابعة

سامر الخطيب

2025.07.15 - 01:26
Facebook Share
طباعة

 أعلن وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، عن وقف تام لإطلاق النار في محافظة السويداء، عقب سلسلة مفاوضات مع وجهاء وأعيان المحافظة. الإعلان جاء بعد أيام من تصاعد الاشتباكات في المدينة، ما دفع القوات النظامية إلى الدخول بقوة إلى مركز المحافظة في محاولة لفرض الاستقرار وإعادة السيطرة. وأكد الوزير أن القوات المسلحة ستكتفي بالرد على أي مصدر نيران أو تهديد مباشر من مجموعات وصفها بـ"الخارجة عن القانون"، مشددًا على أن ضبط النفس سيكون الأساس، مقابل الحزم في مواجهة من يحاول زعزعة الأمن، على حد تعبيره.


وأوضح أبو قصرة أن وحدات الشرطة العسكرية بدأت فعليًا بالانتشار في أحياء السويداء لضبط السلوك العسكري الميداني، ومحاسبة أي تجاوزات. كما أكد إصدار تعليمات صارمة لحماية المدنيين والممتلكات العامة والخاصة، مشيرًا إلى أن تسليم الأحياء لقوى الأمن الداخلي سيتم بعد الانتهاء من عمليات التمشيط والتطهير. وشدد الوزير على أن الدولة ماضية في بسط الأمن، لكنه ألمح أيضًا إلى أهمية التعاون مع أهالي المدينة، في إشارة ضمنية إلى محاولات استرضاء الطائفة الدرزية وضمان عدم توسع رقعة التوتر.


من جهته، صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، بأن القوات النظامية تعرضت لإطلاق نار رغم اتفاق سابق لوقف التصعيد، مما استدعى تطويق الأحياء السكنية حمايةً للمدنيين، على حد وصفه. وأكد أن الحل السلمي لا يزال خيار الدولة الأول، وأن الأبواب مفتوحة أمام جميع الفصائل المحلية للانخراط ضمن ما وصفه بـ"المشروع الوطني". وأشار المتحدث إلى وجود تيارات داخلية وصفها بـ"الانعزالية"، تعمل على دفع الأمور نحو مواجهة مباشرة، متهمًا جهات خارجية بالتحريض وإفشال أي جهود حوارية.


وبدأت وحدات من الجيش السوري بسحب الآليات الثقيلة من المدينة، تمهيدًا لتسليم الأمن بالكامل للشرطة. ونُشرت مشاهد مصورة تُظهر انسحاب دبابات وعربات مدرعة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه محاولة لإظهار حسن النية وتخفيف منسوب الاحتقان الشعبي.


بالتزامن مع هذه التطورات، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت موقعًا عسكريًا سوريًا في السويداء. وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الغارة أصابت دبابة تابعة للجيش السوري، في ما وصفته بـ"رسالة رمزية"، دون أن تمنع الغارة استمرار تقدم القوات السورية في المدينة. ورغم عدم اتساع نطاق القصف، إلا أن الطيران الحربي الإسرائيلي بقي محلقًا فوق المنطقة، في مؤشر على متابعة دقيقة لما يجري ميدانيًا، واحتمال تدخلات جديدة إذا ما تطورت المواجهات.


ومن أبرز المفاجآت خلال الساعات الأخيرة، إعلان الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز مشايخ طائفة الموحدين الدروز، تراجعه عن دعم دخول الجيش إلى المحافظة. وفي بيان مصور، قال إن البيان السابق الذي صدر عن وجهاء السويداء جاء "تحت ضغط من دمشق وجهات خارجية"، مؤكدًا أن الحكومة السورية نكثت بوعودها وهاجمت المدنيين رغم التوصل لاتفاق مسبق. ودعا الهجري أبناء السويداء، رجالًا ونساءً، إلى التصدي للقوات الحكومية بما وصفه بـ"وقفة عز"، متهمًا دمشق بمحاولة إذلال المحافظة، ومشيرًا إلى ما أسماه "حرب إبادة شاملة".


ورغم إعلان وقف إطلاق النار، يبقى المشهد في السويداء شديد الهشاشة. فالاتهامات المتبادلة، والغارة الإسرائيلية، والانقسام داخل الطائفة الدرزية، كلها مؤشرات على أن الوضع قابل للاشتعال مجددًا في أي لحظة. ومع تصاعد التحذيرات من أطراف محلية ودولية، يبدو أن السويداء باتت ساحة اختبار حقيقية لمدى قدرة الحكومة السورية على احتواء الأزمة .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8