اعتقال عناصر أمن في درعا بسبب فيديو

سامر الخطيب

2025.07.15 - 01:05
Facebook Share
طباعة

 أوقفت قيادة الأمن الداخلي في محافظة درعا، يوم الإثنين 14 تموز، مجموعة من عناصرها بعد انتشار تسجيل مصوّر مثير للجدل ظهروا فيه على الحدود الإدارية مع محافظة السويداء، متوعدين بـ"الرد بالسيف" ومطالبين بما أسموه "الفزعة".


هذا التسجيل أثار موجة من الاستياء الشعبي والرسمي، كونه يحمل نبرة تحريضية تهدد بإشعال فتنة طائفية أو عشائرية في منطقة سبق أن شهدت موجات من التوتر والصدامات خلال السنوات الماضية.


بيان رسمي وتحقيق عاجل
قيادة الأمن الداخلي سارعت إلى إصدار بيان أعلنت فيه توقيف العناصر الظاهرين في الفيديو عن العمل مؤقتًا، وفتح تحقيق فوري بحقهم. وأكدت القيادة أن التصريحات الواردة في التسجيل تمثل رأيًا شخصيًا، لا يعكس الموقف الرسمي، ولا يُخوّل لأي عنصر الحديث في قضايا "وطنية كبرى" دون تصريح رسمي من الجهات المعنية.


وأوضحت قيادة الأمن أن ما حدث يُعد خرقًا صارخًا للأنظمة والتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية، وتجاوزًا واضحًا للصلاحيات الممنوحة للعناصر، ما استدعى إجراءات قانونية وإدارية صارمة بحقهم لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات الفردية التي قد تؤدي إلى إشعال نزاعات داخلية لا تحمد عقباها.


تصعيد سابق بين العشائر والمسلحين المحليين
هذه الحادثة تأتي على خلفية تصعيد ميداني وقع يوم السبت 12 تموز، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة في محافظة السويداء بين مجموعات محلية من جهة، ومسلحين ينتمون إلى بعض عشائر البدو من جهة أخرى، بعد أن تعرّض أحد المدنيين لاعتداء وسُلبت ممتلكاته على الطريق الرابط بين دمشق والسويداء.


الحادثة أشعلت التوتر مجددًا في منطقة تعتبر من أكثر المناطق حساسية في الجنوب السوري، وشهدت استنفارًا للمجموعات المحلية، وانتشارًا أمنيًا ملحوظًا، وسط تدخل من قوات الجيش والأمن للفصل بين الأطراف المتصارعة.


وقد خلفت هذه الاشتباكات ضحايا وحالة من القلق الشعبي، حتى انتهت اليوم بعد اعلان وزير الدفاع وقف إطلاق النار.


محافظ درعا: درعا والسويداء جارتان لا خصمان
في محاولة لاحتواء الموقف، أصدر محافظ درعا، أنور طه الزعبي، بيانًا رسميًا شدد فيه على حرص المحافظة على استقرار الجنوب السوري، وعلى ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي ومنع أي مظاهر للفوضى أو التصعيد.


وأكد المحافظ أن درعا كانت وستظل "الجار الوفي" لمحافظة السويداء، ولن تكون أبدًا ساحة للصراعات أو للانفلات الأمني، بل نموذجًا للوحدة والتعايش الوطني. ولفت إلى أن الدولة ماضية في ممارسة دورها لحماية المواطنين واستعادة الحقوق من خلال القنوات الشرعية، مشددًا على أن أي تعدٍّ أو انتهاك سيُواجه بحزم ضمن إطار القانون.


كما ثمّن الزعبي جهود الوجهاء والفعاليات المجتمعية من أبناء السويداء، الذين بادروا لاحتواء الموقف، ومنع تصاعد الأزمة، عبر الدعوة إلى التهدئة وضبط النفس، وتغليب منطق الحوار والعقل.


دعوات إلى ضبط النفس والتمسك بالحوار
بيان محافظة درعا دعا جميع الأطراف إلى التمسك بقيم التعايش والتآخي، والتحلي بروح المسؤولية، والانخراط في أي جهود وطنية تهدف إلى رأب الصدع وتجاوز الأزمات المتكررة التي تفتك بالمجتمع السوري على مختلف المستويات.


وأكد البيان أن تجاوز هذه المحن لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الحوار الهادئ والبنّاء، بعيدًا عن التحريض أو الخطاب الطائفي والعشائري، مشيرًا إلى أن أي محاولة لجر المنطقة إلى اقتتال داخلي تصب في صالح مشاريع مشبوهة تهدف إلى تقسيم المجتمع وزرع الفتنة.


استغلال سياسي وتحريض إعلامي
المفارقة أن التسجيل الذي أثار الجدل تم تداوله بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما انتشر على نطاق واسع، وسط تحليلات متضاربة، منها من اتهم جهات خارجية بمحاولة استثمار المقطع لزيادة التوتر بين المحافظتين، وتحويل الخلافات المحدودة إلى مواجهة شاملة.


ومع أن الجهات الأمنية سارعت لنفي أي طابع رسمي للتسجيل، إلا أن توقيته وحساسية مضمونه أثارا تساؤلات حول كيفية ضبط الخطاب داخل المؤسسات الأمنية، ومدى تأثير العوامل العشائرية والطائفية على أداء هذه الأجهزة في بيئة هشة مثل الجنوب السوري.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10