دمشق وقسد: نحو وحدة أم مراوحة؟

سامر الخطيب

2025.07.10 - 12:37
Facebook Share
طباعة

 أبدت دمشق ترحيبها بأي جهود تصب في اتجاه توحيد البلاد وتعزيز سيادتها، مؤكدة على موقفها الثابت برفض الفدرالية أو أي صيغ تقسيم، والدعوة إلى العمل تحت مظلة الدولة الوطنية الواحدة.

هذا الموقف الرسمي جاء في ظل تطورات جديدة تشهدها العاصمة دمشق، حيث عُقدت جولة مفاوضات جديدة بين الطرفين لبحث آليات تنفيذ اتفاق سابق، يتضمن بنوداً تتعلق بإعادة دمج القوات المحلية في مؤسسات الدولة، وإعادة انتشار مؤسسات الخدمات والصحة والإدارة المحلية في مناطق شمال شرقي سوريا.

وأكدت الحكومة السورية تمسكها بمبدأ "سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة"، داعية إلى إنهاء حالة الفراغ الإداري في المناطق الخارجة عن سيطرتها، وفتح المجال أمام مؤسسات الدولة لتعود وتؤدي دورها الخدمي والوطني. كما أبدت استعدادها لدمج المقاتلين المنضوين في "قسد" ضمن صفوف الجيش السوري، وفق الأطر الدستورية والقانونية، ما يعكس توجهاً نحو مصالحة داخلية مشروطة.

وعلى الرغم من هذا الانفتاح المعلن، فإن البيان الرسمي حمل تحذيراً صريحاً من التأخير أو المماطلة في تنفيذ الاتفاقات الموقعة، معتبراً أن أي عرقلة لا تصب في مصلحة السوريين، بل تزيد تعقيد المشهد، وتُطيل أمد التوتر واللااستقرار في مناطق الشمال الشرقي.

وفي السياق ذاته، أشارت الحكومة إلى أهمية نبذ المشاريع الانفصالية، والعودة إلى ما وصفته بـ"الهوية الوطنية الجامعة"، معتبرة أن الكرد، كغيرهم من المكونات السورية، يشكلون جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني، وينبغي أن تُصان حقوقهم في إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية، لا عبر قنوات موازية أو برعاية خارجية.

بالتوازي مع هذا، شهدت دمشق اجتماعات حضرها مسؤولون رفيعو المستوى من كلا الجانبين، لمناقشة الملفات العالقة، أبرزها مستقبل المعابر الحدودية، آليات التنسيق العسكري والأمني، وسبل دمج المؤسسات المحلية في هيكل الدولة المركزية. ورغم غياب التصريحات الرسمية المفصلة حول نتائج اللقاء، وورود أنباء متضاربة حول لقاء ثلاثي محتمل ضم ممثلين عن الحكومة والمبعوث الأمريكي و"قسد"، إلا أن الأجواء وصفت بـ"الإيجابية"، ما قد يمهّد لمزيد من التقدم، إذا ما توفرت الإرادة السياسية.

وفي تصريحات لاحقة، شدد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا على أن الخيار الواقعي أمام "قسد" هو الانخراط ضمن الدولة السورية، مؤكداً أن دمشق أبدت مرونة في الحوار، بينما لا تزال الخطوات الكردية نحو التوافق بطيئة. وأضاف أن الولايات المتحدة لا تزال ترى في "قسد" شريكاً فعالاً، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن مستقبل الاستقرار في سوريا يتطلب حلاً سياسياً شاملاً، لا يرتكز فقط على التحالفات المؤقتة.

المشهد الحالي لا يخلو من الغموض، لكنه يُظهر بوادر حراك سياسي بين مراكز القرار في دمشق والقوى المسيطرة شمال شرقي البلاد. فإما أن تكون هذه الخطوات تمهيداً لوحدة وطنية حقيقية، أو أنها ستظل تدور في دائرة التصريحات واللقاءات الرمزية، بلا أثر ملموس على الأرض.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 6