تقرير إسرائيلي مشبوه يُشعل غضب طرابلس

رامي عازار

2025.07.08 - 12:55
Facebook Share
طباعة

 أثار تقرير إسرائيلي جدلاً واسعاً في لبنان، بعدما نقل تصريحات منسوبة إلى مصدر سوري مقرّب من القيادة في دمشق، تحدث فيها عن سيناريو تفاوضي محتمل مع إسرائيل يشمل إعادة جزء من الجولان المحتل مقابل تنازلات متبادلة. غير أن ما أثار الذهول والغضب هو تضمين التقرير مزاعم عن طرح تسوية إقليمية تتضمّن تسليم مناطق لبنانية، من بينها طرابلس وأجزاء من الشمال والبقاع، إلى سوريا، في إطار هذه التفاهمات المفترضة.


التقرير الذي أثار البلبلة نُشر عبر وسيلة إعلامية إسرائيلية، ولم تُعرف مدى مصداقيته أو نواياه الحقيقية، وسط تساؤلات لبنانية عن أهداف التوقيت والمضمون، وهل جاء هذا الطرح بناءً على معطيات حقيقية أم أنه جزء من محاولات إعلامية لإثارة الجدل وخلق "ترند" سياسي يخدم أجندات معينة؟


طرابلس، التي وُضعت في قلب هذه الرواية المفاجئة، لم تتأخر في الرد. موجة غضب عارمة اجتاحت أبناء المدينة، الذين عبّروا عن رفضهم القاطع لأي محاولة لطرحهم كأداة في تفاوضات لا علاقة لهم بها. مؤسسات محلية ووجهاء ومواطنون أكدوا أن طرابلس مدينة لبنانية بجذورها، ولن تكون يوماً جزءاً من أي تسوية سياسية أو جغرافية عابرة للحدود.


أصوات من داخل المدينة شددت على أن مثل هذه التقارير تكرّس سياسة خطيرة لطالما عانى منها الشمال اللبناني، تقوم على تسويق صورة مشوّهة للمنطقة، واستخدامها كورقة في التجاذبات الإقليمية. وأضافت أن ما جاء في التقرير الإسرائيلي لا يُعتدّ به، لأنه صادر عن جهة لطالما عرفت بالتضليل الإعلامي واستغلال الملفات الحساسة لتمرير رسائلها السياسية.


الموقف الديني في المدينة لم يكن بعيداً عن هذا السياق، حيث عبّر عدد من رجال الدين عن رفضهم لأي حديث عن "تغيير هوية" المدينة أو المناطق المحيطة بها، مؤكدين أن المكون السني، كما سائر المكونات اللبنانية، متمسك بلبنان الدولة، وبسيادته ووحدته، وأن لا مجال للحديث عن التبعية أو التقسيم تحت أي ظرف.


وفي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون رداً رسمياً من الجهات المعنية لتفنيد هذه المزاعم، يُسجَّل غياب كامل للموقف الحكومي، ما يفتح المجال لمزيد من التأويلات ويعمّق مشاعر القلق لدى السكان، خصوصاً في المناطق التي ذُكرت في التقرير.


المراقبون في الداخل يرون أن تجاهل مثل هذه التقارير قد يكون خطيراً في ظل الظروف الإقليمية المعقّدة، وأن الرد يجب أن يكون واضحاً وصريحاً، لا فقط لطمأنة المواطنين، بل أيضاً لإرسال رسالة إلى الخارج بأن لبنان ليس ساحة مفتوحة للعبث الإعلامي أو للمساومات السياسية.


في النهاية، يبدو أن ما صدر عن الإعلام الإسرائيلي لا يتعدى كونه مادة لإثارة البلبلة في الداخل اللبناني، ومحاولة مكشوفة للعب على التوازنات الطائفية والسياسية. ومع ذلك، فإن يقظة الشارع اللبناني وتمسّكه بهويته الوطنية تبقى الحصن الأول في وجه كل محاولة للتشكيك أو التشويش.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5