فضيحة فساد بـ600–700 مليار ليرة تهز قطاع النفط السوري

2025.07.06 - 10:00
Facebook Share
طباعة

كشفت تقارير موثّقة عن واحدة من أكبر فضائح الفساد التي عصفت بقطاع النفط في سوريا منذ عقود، حيث تجاوزت قيمة الهدر والخسائر 600 إلى 700 مليار ليرة سورية، نتيجة عمليات تهريب مازوت وتلاعب ممنهج في مناقصات رسمية بمصافي حمص وبانياس.

تسريبات وتقارير تكشف المستور
أظهرت وثائق وتقارير صحفية اعتماد مادة "VGO" لخلط المازوت ضمن المصافي، قبل تهريبه بشكل منظّم إلى مدينة حلب. وأشارت مصادر مستقلة إلى أنّ هذه العمليات جرت تحت إشراف مباشر من جهات شبه عسكرية نافذة، تُستخدم كغطاء لتمرير الكميات المهربة من دون رقابة أو مساءلة.

المثير في القضية أنّ هذا النوع من الفساد ليس طارئًا على القطاع، بل يمثل تكرارًا لأنماط قديمة من التلاعب، مثل خلط الفيول بالماء وسرقة المخصصات الحكومية للوقود، عبر آليات منح مناقصات لمتعهدين محسوبين على السلطة.

توقيفات وهروب إداري
في تطور لافت، أُلقي القبض على المدير السابق لمصفاة حمص، فيما أفادت مصادر مطلعة بأنّ المدير السابق لمصفاة بانياس فرّ إلى جهة مجهولة فور تسريب المعلومات حول القضية. وقد أكدت مصادر ميدانية أن بعض العاملين في المصافي تلقّوا أوامر ضمنية بمحاولة طمس الأدلة وإتلاف الوثائق التي قد تدين جهات متنفذة.

شبكة فساد واسعة
تتعدى القضية حدود الفساد المالي، لتكشف عن منظومة متكاملة يتداخل فيها النفوذ العسكري مع الإداري، إذ بيّنت التقارير أن عناصر من ميليشيا "لواء القدس" كانوا طرفًا مباشرًا في عمليات التهريب، بالتنسيق مع إدارة بعض الأقسام داخل المصافي.

كما ذُكر أنّ بعض عمليات التلاعب شملت صفقات استيراد وتكرير نفط غير نظامية، وسط غياب كامل للرقابة المالية والإدارية، ما ساعد على استمرار هذه الممارسات لفترة طويلة قبل انكشافها.

استئناف العمل في بانياس
على الجانب الآخر، استأنفت مصفاة بانياس عملها قبل شهرين بعد توقف دام أكثر من أربعة أشهر بسبب نقص الخام، وقد تم ذلك عبر واردات نفطية إيرانية دخلت البلاد بعقود رسمية موقعة مع وزارة النفط. ورغم إعادة التشغيل، إلا أن الثقة الشعبية في شفافية عمل المصافي باتت موضع شك عميق.

مصير التحقيقات… مفتوح
الملف الآن بيد السلطات القضائية، التي تواجه اختبارًا حقيقيًا في ما إذا كانت ستتمكن من فرض محاسبة فعلية على المتورطين، أو إن كان الملف سيتحوّل إلى مجرّد "زوبعة إعلامية" تنتهي بإجراءات شكلية وتغييرات إدارية سطحية.

يعوّل كثيرون على مدى استقلالية القرار القضائي، وكذلك على الضغط الإعلامي والشعبي المستمر لضمان كشف كافة الخيوط، ومعاقبة الجهات الفعلية التي تقف خلف واحدة من أكبر عمليات الهدر المنظم في سوريا.

الخلاصة
ما بين الأرقام الضخمة المتداولة، والهروب والتوقيف، والتواطؤ بين الإدارات والعناصر المسلحة، تبرز هذه الفضيحة كمؤشر خطير على عمق أزمة الفساد التي تنهش مؤسسات الدولة. ويبقى السؤال الأهم: هل نحن أمام نقطة تحوّل في مكافحة الفساد، أم فصل جديد من فصول الإفلات من العقاب؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10