في تطور جديد يعكس تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في الجنوب السوري، نفّذت وحدة خاصة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي عملية ميدانية مفاجئة بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، استهدفت مزرعة في ريف بلدة المعلقة جنوب محافظة القنيطرة.
وبحسب ما أفادت به مصادر ميدانية، داهمت القوة الخاصة مزرعة "البصالي" واعتقلت ثلاثة شبان من أصول فلسطينية كانوا متواجدين في المكان، وذلك دون تسجيل أي اشتباكات أو تدخل من الأطراف العسكرية المنتشرة في المنطقة. وعقب تنفيذ الاعتقالات، انسحبت القوة الإسرائيلية إلى داخل الجولان السوري المحتل.
ورغم غموض ملابسات ودوافع هذه العملية، تشير المعطيات إلى أنها جزء من سلسلة من التوغلات الأمنية المتكررة التي ينفذها جيش الاحتلال في المناطق الحدودية جنوب سوريا. وتلف هذه العمليات حالة من التوتر والقلق، لا سيما في ظل غياب أي تعليق رسمي من السلطات السورية أو الفصائل المسلحة المحلية، التي اكتفت بالمراقبة دون تحرك فعلي.
اللافت أن هذا الهجوم يأتي بعد شهرين فقط من اعتقال أحد أقارب المعتقلين الثلاثة، الأمر الذي يعزز فرضية وجود ملاحقات أمنية إسرائيلية ممنهجة تستهدف شباناً بعينهم، تحت ذرائع لم تُكشف حتى الآن.
كما سجلت المنطقة خلال اليومين الماضيين توغلاً آخر تمثل في دخول ثلاث مركبات عسكرية إسرائيلية إلى قلب محافظة القنيطرة، واقترابها من مبنى المحافظة لفترة وجيزة، قبل أن تعود أدراجها إلى قاعدة عسكرية حديثة أُنشئت في قرية الحميدية بالريف الشمالي. هذا التحرك المفاجئ أثار حالة من الذعر بين الأهالي، وسط تساؤلات عن مدى قدرة القوات المحلية على حماية السكان المدنيين في وجه مثل هذه التعديات.
ويرى مراقبون أن هذه الأنشطة العسكرية الإسرائيلية تمثل خرقًا واضحًا للسيادة السورية وتندرج ضمن سياسة الاحتلال المستمرة في استغلال هشاشة الوضع الأمني جنوب البلاد لتوسيع نفوذه، متجاهلاً بذلك القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة باحترام حدود الدول وسيادتها.
ورغم أن الجولان السوري ما يزال تحت الاحتلال منذ عام 1967، فإن التوغلات الإسرائيلية باتت تتجاوز نطاق هذا الاحتلال الجغرافي، لتشمل عمليات أمنية داخل العمق السوري، ما يطرح تساؤلات جدية حول طبيعة التنسيق الأمني في المنطقة، وحول صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات.
إن تكرار مثل هذه العمليات العسكرية، وسط تجاهل متعمد من قبل سلطات الاحتلال لأي التزام قانوني أو أخلاقي، يؤكد أن إسرائيل ماضية في نهجها العدواني، ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية التي تحظر الاعتقالات خارج الحدود والسيطرة بالقوة على الأراضي المحتلة.
وفي ظل هذا التصعيد الميداني، تبقى أعين السكان جنوب سوريا شاخصة نحو الأفق، مترقبة تحركًا رسميًا حقيقيًا يضع حدًا لهذه الاعتداءات، ويحفظ ما تبقى من كرامة وسيادة وطن يعاني من نزيف مزمن على أكثر من جبهة.