توغلات إسرائيلية يومية تقوّض السيادة السورية

سامر الخطيب

2025.06.30 - 10:53
Facebook Share
طباعة

 في تصعيد خطير يعكس استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي السورية، شهد الجنوب السوري خلال شهر حزيران سلسلة توغلات برّية متكررة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تمثلت في 39 عملية متفرقة طالت محافظتي القنيطرة ودرعا، إضافة إلى أجزاء من ريف دمشق الجنوبي الغربي.


تنوّعت هذه العمليات بين مداهمات منازل، وإقامة حواجز تفتيش مؤقتة، وتجريف أراضٍ زراعية، ورفع الأعلام الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، في مشهد يومي يرسّخ واقعًا ميدانيًا جديدًا يهدد السيادة السورية، ويثير استياء واسعًا بين سكان المناطق الحدودية.


التحركات الإسرائيلية ترافقت مع تحليق مكثف للطائرات الحربية والطائرات المسيّرة، واستخدام لآليات ثقيلة تشمل دبابات وناقلات جند، ما أضفى على المشهد طابعًا عسكريًا مكشوفًا، تجاوز حدود الاستفزازات الفردية إلى سياسة ضغط ممنهجة.


بدأت أولى عمليات التوغل في مطلع الشهر، حيث نُصبت الحواجز المؤقتة بين بلدات في ريف القنيطرة الشمالي، قبل أن تتصاعد الوتيرة تدريجيًا لتشمل اقتحامات لقرى وبلدات مثل جباتا الخشب، كودنة، جبا، والصمدانية، مرورًا بمناطق حدودية قريبة من الجولان المحتل.


لم تقتصر الاعتداءات على الجانب العسكري فقط، بل طالت المدنيين بشكل مباشر، حيث وثقت عمليات اعتقال، ومداهمات لمنازل سكنية، بعضها ترافق مع تخريب للمحتويات وخلع أبواب المنازل المغلقة. كما أُجبر سكان بعض القرى على إخلاء منازلهم بسبب رفع الأعلام الإسرائيلية فوق التلال المشرفة ومحيطها.


وفي مشهد أثار استياء شعبيًا واسعًا، أقدمت القوات الإسرائيلية على تجريف ما لا يقل عن 500 دونم من الأراضي المزروعة بأشجار الصنوبر، إضافة إلى هدم 15 منزلًا في قرى قريبة من الشريط الحدودي، بذريعة قربها من مواقع عسكرية إسرائيلية.


التوغلات لم تسلم منها حتى المناطق الأكثر هدوءًا، إذ رُصدت تحركات إسرائيلية في مناطق مثل بيت جن في ريف دمشق، حيث سُجّل مقتل مدني واعتقال عدة أشخاص، ما يعكس اتساع رقعة الانتهاكات الجغرافية دون رد يُذكر من الجانب السوري الرسمي.


وتشهد القرى الحدودية حالة من الترقب والقلق، في ظل الغياب التام لأي رد عسكري أو دبلوماسي، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي. ويخشى السكان من أن تتحول هذه التوغلات اليومية إلى واقع دائم يُكرّس أمرًا واقعًا جديدًا، خاصة في ظل غياب التغطية الإعلامية الكافية وندرة التصريحات الرسمية.


تعكس هذه الاعتداءات سياسة إسرائيلية تقوم على تقويض الاستقرار داخل سوريا، وفرض وقائع ميدانية تُضعف الحضور السوري في المناطق القريبة من الجولان المحتل، وهو ما يمثل تحديًا صريحًا للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن المتعلقة باحترام الحدود وسيادة الدول.


ووسط هذا التصعيد المستمر، تبقى التساؤلات مفتوحة: إلى متى ستستمر هذه الخروقات دون رد؟ وهل يمكن اعتبار الصمت السوري والدولي إقرارًا غير مباشر بما يجري؟ وما هو مصير سكان القرى الذين يعيشون تحت وطأة التوغل والتهديد اليومي؟


إن استمرار هذه الانتهاكات دون أي تحرك فعلي يعمّق الشعور بالعجز ويضع علامات استفهام كبرى حول فعالية القرارات الدولية التي من المفترض أن تحمي السيادة وتحظر الاحتلال والتوسع العسكري. وفي ظل هذا الواقع الميداني المتصاعد، يبدو أن الجنوب السوري دخل مرحلة جديدة من الضغط الإسرائيلي، تستوجب إعادة النظر في التعامل الرسمي مع هذه الانتهاكات التي تجاوزت حدود التكرار إلى سياسة ترهيب ممنهجة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9