شهدت قرية اخترين في ريف حلب الشمالي حادثة صادمة هزّت مشاعر الأهالي، بعد الكشف عن تعرض طفلة صغيرة لاعتداء وحشي داخل منزل عائلتها، ما أثار موجة استياء واسعة ومطالبات بتشديد الرقابة على حالات العنف الأسري، خصوصًا تلك التي تطال الأطفال.
الطفلة، التي لم تتجاوز العقد الأول من عمرها، كانت ضحية لسوء معاملة قاسٍ على يد زوجة والدها، وهي في الوقت ذاته خالتها، حيث تم الاعتداء عليها بالضرب المبرح بشكل متكرر، مما تسبب في إصابات بالغة شملت جروحًا ورضوضًا في مناطق متفرقة من جسدها. وقد جرى إسعافها إلى مستشفى الراعي في المنطقة، حيث تلقت العلاج اللازم، بينما فُتح تحقيق رسمي في الواقعة لكشف ملابساتها.
الصور التي وثّقت الإصابات كشفت عن حجم الألم الذي تعرّضت له الطفلة، ما أعاد إلى الواجهة ملف العنف الأسري المتفاقم في عدد من المناطق السورية، لاسيما تلك الخارجة عن السيطرة المباشرة للدولة، حيث تغيب آليات الحماية القانونية والرعاية الاجتماعية بشكل فعّال.
وتشير هذه الحادثة المؤلمة إلى ظاهرة متزايدة من الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال داخل منازلهم، ليس فقط من غرباء، بل في كثير من الأحيان من أفراد يفترض أن يكونوا مصدر أمان لهم. ويجد العنف طريقه إلى تفاصيل حياتهم اليومية في ظل ضعف التوعية، وتراجع دور الجهات المسؤولة عن حماية الطفولة، وغياب مراكز متخصصة يمكن اللجوء إليها عند حدوث أي إساءة.
كما تسلّط الواقعة الضوء على فراغ تشريعي وتنفيذي في التصدي لمثل هذه الجرائم، حيث تفتقر أغلب المناطق في الشمال السوري إلى مؤسسات قوية لرعاية الطفولة، أو أجهزة فعالة للرقابة الأسرية. وغالبًا ما تمر حوادث العنف بصمت، بسبب الضغوط الاجتماعية أو غياب قنوات التبليغ الآمنة.
في المقابل، يطالب ناشطون ومنظمات حقوقية محلية بضرورة تفعيل قوانين حماية الطفل، وإنشاء منظومة شكاوى مستقلة وآمنة تسمح للأطفال بالإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضون لها دون خوف من الانتقام أو التستر، إلى جانب نشر حملات توعية مجتمعية واسعة تهدف إلى الحد من العنف الأسري وتثقيف الأهالي حول أساليب التربية السليمة.
وتؤكد الحادثة أهمية أن تتحمل الجهات الإدارية في تلك المناطق مسؤولياتها في حماية الأطفال، من خلال التدخل السريع في حالات الإساءة، واتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق من يثبت تورطه في تعنيف أي طفل. كما تبرز الحاجة إلى دعم نفسي وطبي متكامل للضحايا، من أجل المساهمة في شفائهم جسديًا ونفسيًا، وإعادتهم إلى بيئة صحية وآمنة.
أخيرًا، تبقى مأساة هذه الطفلة إنذارًا صارخًا عن واقع يعيشه كثير من الأطفال في صمت، وتحديًا مستمرًا أمام المجتمع بأكمله لتحويل صرخات الألم إلى فعل حقيقي يحمي البراءة من قسوة الكبار.