شهد ريف درعا الجنوبي اشتباكات عنيفة خلفت مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم قياديان سابقان في فصائل المعارضة، إثر خلاف عشائري تصاعد إلى مواجهات مسلحة في مدينة طفس غرب المحافظة. استمرت الاشتباكات لساعتين قبل تدخل قوات الأمن الداخلي لوقف التصعيد، وسط حالة توتر متصاعدة في المنطقة.
الاشتباكات ناتجة عن خلافات عميقة بين عائلتين على خلفية اتهامات متبادلة بتدبير عمليات اغتيال استهدفت قياديين وعناصر سابقين، وهو ما زاد من تعقيد المشهد الأمني في درعا، التي تعاني منذ سنوات من حالة فوضى أمنية وانتشار ظواهر العنف والاغتيالات.
إحدى الشخصيات التي قتلت في الحادثة هو القيادي ثائر الطيباوي، وشقيقه خالد الطيباوي، اللذان كانا من قادة فصائل المعارضة سابقاً في المنطقة، ما يعكس استمرار الخلافات بين القوى المحلية التي نشأت خلال فترة الصراع، والتي لم تنته مع توقيع اتفاقات التسوية أو توقف العمليات العسكرية.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن شهدت درعا مواجهات متكررة بين الأطراف ذاتها أو بينها وبين أطراف أخرى، شملت اتهامات بالوقوف وراء اغتيالات واستيلاء على ممتلكات، ما أسهم في تأجيج الصراعات الداخلية وزيادة حالة عدم الاستقرار.
تشهد المحافظة بشكل عام موجة من عمليات الاغتيال ومحاولات القتل، حيث تم رصد عشرات الحوادث خلال الأشهر الماضية، مع ارتفاع ملحوظ في النشاطات العنيفة منذ مطلع الشهر الحالي، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار المحلي.
ويرى مراقبون محليون أن هذا الوضع يعكس تراخياً واضحاً في فرض الدولة لسيطرتها الكاملة على المنطقة، وعدم القدرة على سحب السلاح من الفصائل والعشائر، مما يسمح بانتشار ثقافة الثأر والاقتتال الداخلي الذي يستند إلى أحقاد متراكمة من سنوات الصراع.
الريف الغربي من درعا، حيث تقع مدينة طفس، تحت نفوذ مجموعة من القياديين الذين شاركوا في مفاوضات التسوية عام 2018، وأسست ما يعرف بـ”اللجان المركزية”، التي اتهمت من قبل البعض بالتبعية للنظام، بينما تشكلت في المقابل فصائل معارضة لهذه اللجان، واتهم بعضها بالتعاون مع تنظيمات متشددة، مما أضاف طبقة جديدة من التعقيد للصراع المحلي.
هذا التنافس والصراع بين الفصائل المختلفة أدى إلى موجة من الاغتيالات والاشتباكات المتكررة التي تستهدف قادة وعناصر من الطرفين، ما يزيد من حالة الانقسام ويعرقل جهود بناء الأمن والاستقرار في المنطقة.
في ظل هذه الأوضاع، يبقى مستقبل محافظة درعا هشاً، مع استمرار النزاعات العشائرية والفصائلية التي تعيق تحقيق المصالحة الشاملة وإرساء حكم القانون، مما يستدعي تدخلات جدية من قبل الجهات المحلية والدولية لإيجاد حلول فعالة تكفل أمن وسلامة سكان المحافظة.