اقتحامات وتهديدات تُشعل ريف حلب
سامر الخطيب
تشهد قرى شمال ريف حلب توترات أمنية متصاعدة في ظل حملات اقتحام تنفذها مجموعات مسلحة تنضوي تحت راية فصائل "الجيش الوطني". ففي مشهد أعاد إلى الأذهان صور الفوضى والانتهاكات، اقتحمت مجموعة مشتركة من فصيلي "الحمزات" و"العمشات" قرية النيربية الكردية، مستخدمة الذريعة المعتادة: "البحث عن مطلوبين بتهمة التعاون مع الإدارة الذاتية السابقة".
العملية نُفذت بعشرات المسلحين المدججين بالسلاح، انتشروا في شوارع القرية واقتحموا المنازل بطريقة وصفت بأنها تعسفية وهمجية، حيث فتشوا البيوت والهواتف الشخصية، دون أي احترام لخصوصية السكان، وسط حالة من الذعر والاستياء بين الأهالي، لا سيما مع تهديدات علنية بتسليم من تصفهم القوة بـ"المطلوبين" خلال 24 ساعة.
ورغم عدم تسجيل أي حالات اعتقال مؤكدة خلال العملية، فإن التوتر الأمني الذي خلفه الاقتحام أثار موجة من القلق، خاصة بعد فرار بعض الأشخاص المطلوبين خارج القرية، بينما اضطر آخرون إلى النزوح مجدداً من منازلهم خوفاً من التصعيد.
هذا التصرف ليس الأول من نوعه، بل يأتي في سياق سلسلة من الانتهاكات التي تتعرض لها مناطق ما بعد "عملية نبع السلام"، حيث يُتهم العديد من عناصر الفصائل المسلحة باستغلال سلطاتهم في فرض الإتاوات والابتزاز المالي على السكان، تحت ذرائع أمنية أو سياسية، في ظل غياب الرقابة والمساءلة.
وفي مشهد آخر من معاناة السكان، يواجه النازحون من مناطق "نبع السلام" والذين عادوا مؤخراً إلى منازلهم، تهديدات جدية من أشخاص استقروا فيها خلال فترة غيابهم، وبعضهم من عوائل عناصر في فصائل مسلحة. وتشمل التهديدات خلع الأبواب، وتخريب الممتلكات، وحتى حرق المنازل، ما لم يتم دفع مبالغ مالية لتركها.
يجد الأهالي أنفسهم بين سندان التهجير المستمر ومطرقة الابتزاز، في واقع ينذر بانفجار اجتماعي ما لم تتدخل الجهات المعنية للحد من هذه الممارسات التي باتت ممنهجة في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة.
إن تصاعد هذه الانتهاكات، سواء في صورة اقتحامات بحجج واهية أو ضغوط على العائدين إلى منازلهم، يكشف عن غياب القانون واستغلال السلطة في مناطق من المفترض أن تكون آمنة بعد العمليات العسكرية. ويضع هذا الواقع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الاستقرار والعدالة في شمال سوريا، إذا ما استمرت هذه الأفعال دون رادع أو محاسبة.
