شهد ريف درعا الشرقي حادثة اغتيال جديدة تضاف إلى سلسلة التوترات الأمنية المتصاعدة في جنوب سوريا، حيث قُتل ناشط مدني وشاب آخر كان برفقته جراء إطلاق نار نفذه مسلحون مجهولون على الطريق بين بلدة الصورة ومدينة الحراك، مساء أمس الثلاثاء.
الناشط، الذي اشتهر بمقاطع فيديو ناقدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كان يُعرف بانتقاده العلني للظواهر السلبية المنتشرة في المنطقة، وعلى رأسها تجارة وترويج المخدرات. وقد نالت مقاطع الفيديو التي ينشرها تفاعلاً واسعًا من سكان درعا، ما جعله من أبرز الأصوات الناقدة محليًا.
وبحسب المعلومات الأولية الواردة من المنطقة، فقد جرى استهداف الضحيتين بإطلاق نار مباشر من مسافة قريبة، ما أدى إلى وفاتهما على الفور. وقد تم نقل جثمانيهما إلى أحد المراكز الطبية القريبة وسط حالة من الغضب الشعبي والترقب الأمني.
الحادثة تأتي في سياق تدهور مستمر في الوضع الأمني بمحافظة درعا، حيث تتكرر عمليات الاغتيال والقتل الغامضة، وسط غياب واضح لأي محاسبة أو تحقيقات فعالة تؤدي إلى كشف الجناة. وتغيب السلطات المحلية عن المشهد الأمني الفعلي، ما يجعل الشارع يعيش حالة من انعدام الثقة والقلق.
وتسود حالة من التوتر في عموم ريف درعا، لاسيما في المناطق التي تشهد تحركات مدنية أو تعبيرات عن الرأي، سواء من خلال الإعلام المحلي أو عبر وسائل التواصل. هذا الواقع جعل من النشاط السلمي في المحافظة محفوفًا بالمخاطر، في ظل بيئة أمنية غير مستقرة.
وتسلط هذه الحادثة الضوء على معاناة السكان في جنوب سوريا، حيث أصبحت أعمال التصفية الجسدية، بدوافع سياسية أو شخصية أو حتى انتقامية، أمرًا شائعًا. وتشير بيانات حقوقية إلى مقتل 738 شخصًا منذ بداية عام 2025 في مناطق متفرقة من البلاد، منهم 702 رجال، و24 امرأة، و12 طفلًا. وتعد درعا من بين المحافظات التي سجلت عشرات الحالات، منها 36 ضحية على الأقل هذا العام.
ويُعزى جزء من هذه الحوادث إلى خلافات مناطقية أو انتقامات متبادلة، بينما ترتبط أخرى بمواقف سياسية أو نشاط مدني. غير أن الغموض يظل السمة الأبرز لمعظم هذه الجرائم، مع غياب أي نتائج واضحة للتحقيقات، إن وُجدت.
الشارع المحلي في درعا يطالب اليوم بتوفير الحد الأدنى من الحماية للنشطاء والمواطنين، وتفعيل المساءلة ومحاسبة مرتكبي الجرائم، في محاولة لكبح جماح الفوضى الأمنية المتصاعدة. ومع استمرار التدهور، تبقى حياة المدنيين عرضة للخطر في أي لحظة.