تشهد مناطق شمالي سوريا التي تسيطر عليها فصائل "الجيش الوطني" حالة متزايدة من الفوضى الأمنية والاعتقالات العشوائية، لا سيما في المناطق ذات الأغلبية الكردية. يأتي ذلك وسط تضارب نفوذ الفصائل المسلحة وتراجع واضح في الخدمات المدنية، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار التي يعيشها السكان المحليون.
في حادثة أثارت استياءً واسعًا، اقتحمت دورية أمنية صالة أفراح في منطقة إعزاز خلال أيام عيد الفطر، واعتقلت العريس ووالده أمام الحضور، من دون توضيح أسباب الاعتقال أو الكشف عن مصيرهما. هذه الحادثة ليست الأولى، إذ تتكرر بشكل متزايد حالات المداهمات والاعتقالات بحق العائدين إلى مناطقهم، خاصة من المكون الكردي، تحت ذريعة "تسوية الوضع" التي تبدو كغطاء لانتهاكات ممنهجة.
وفي واقعة أخرى، نفذ عناصر أمنيون مداهمة في قرية كاواندا التابعة لناحية راجو، واعتقلوا مواطنين كرديين عادا حديثًا إلى قريتهم، مع مصادرة سيارتهم بذريعة ارتباطهم بالإدارة الكردية السابقة. وحتى الآن، لا تزال الجهات الأمنية تحتجزهم دون توجيه تهم رسمية أو اتباع إجراءات قانونية واضحة.
هذه الانتهاكات تأتي في ظل ضعف السيطرة التنظيمية لفصائل "الجيش الوطني"، التي بالرغم من الدعم التركي، تواجه تحديات كبيرة في فرض الأمن والاستقرار. الفوضى المستمرة وانتشار الفساد أثرا سلبًا على ثقة السكان المحليين بالسلطات، وخلق شعورًا متزايدًا بالاستهداف والتهميش، خصوصًا بين مكونات السكان الكردية والعائدة.
تطرح هذه الأوضاع تساؤلات حول مستقبل المناطق الشمالية في سوريا، وقدرة الجهات المسيطرة على تحقيق استقرار دائم، في ظل غياب آليات واضحة لضبط الأمن واحترام حقوق المدنيين.