تبادل أسرى في حلب يعيد الدفء للتفاهمات

سارم الخطيب

2025.06.03 - 11:19
Facebook Share
طباعة

 شهدت مدينة حلب يوم الاثنين، 2 حزيران، تنفيذ المرحلة الثانية من عملية تبادل الأسرى بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية، في خطوة تعكس مساعي مستمرة لتخفيف التوتر وفتح قنوات تواصل بين الطرفين رغم الخلافات المتراكمة.


وجرت العملية عند معبر “الجزيرة” في حي الشيخ مقصود، وهو النقطة الفاصلة بين مناطق سيطرة الطرفين داخل مدينة حلب. العملية شهدت إجراءات أمنية مشددة تسببت بتأخير تنفيذها لنحو ساعة ونصف.


وبحسب مصادر مطلعة، فإن العملية شملت إطلاق سراح مئات الأسرى من الجانبين، في إطار تفاهمات سابقة لم تُنفذ بالكامل في نيسان الماضي. وبلغ عدد المفرج عنهم من الطرفين بين 460 و470 شخصًا، معظمهم عناصر أو مدنيون محتجزون على خلفية النشاطات العسكرية السابقة أو التنقل ضمن مناطق التماس.


يُشار إلى أن تنفيذ المرحلة الأولى من التبادل قد تم مطلع نيسان، إلا أن العملية الحالية واجهت عدة تأجيلات، نتيجة خلافات تقنية وأمنية بين الطرفين، أبرزها تضارب قوائم الأسماء وغياب التنسيق المسبق.


ورغم هذه العقبات، نجح الطرفان في إتمام عملية الإفراج، والتي شملت أيضًا جثامين قتلى كانت محتجزة لدى الطرفين، وسط ترقب شعبي كبير خصوصًا من ذوي المعتقلين الذين طالبوا بتسريع التنفيذ في وقت سابق.


تأتي هذه العملية في سياق تفاهمات سياسية وأمنية أوسع تم التوصل إليها خلال الأشهر الماضية، والتي هدفت إلى تقليص التوتر في أحياء حلب ذات الطابع المشترك بين الأطراف المتنازعة. وتضمنت هذه التفاهمات إعادة هيكلة التواجد الأمني والإداري، بحيث تندمج بعض القوى الأمنية المحلية ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية، مع متابعة تنفيذية من أطراف دولية أبرزها الولايات المتحدة.


ورغم الطبيعة المحدودة للاتفاقات، فإنها تمثل نافذة نادرة للتعاون بين خصمين تقليديين، وقد تفتح المجال لمزيد من التفاهمات بشأن قضايا إنسانية مشابهة، أبرزها ملف المعتقلين وتبادل الجثامين، وهو ملف حساس في الصراع السوري المزمن.


لكن من جهة أخرى، ما تزال تفاصيل الاتفاق تحيطها السرية، وسط غياب القوائم الرسمية بالأسماء أو إعلان واضح من الجهات المنفذة، ما يُبقي جزءًا من ذوي المعتقلين في حالة ترقب وغموض.


كما أظهرت العملية الحاجة إلى آلية تنفيذ أكثر شفافية وتنظيمًا، لتفادي الاحتجاجات أو ردود الفعل الاجتماعية الناتجة عن التأخير أو الاستثناءات.


عملية التبادل الأخيرة، رغم كونها محدودة من حيث الأثر السياسي، إلا أنها تعكس تحولًا تدريجيًا في التعامل بين “قسد” والحكومة السورية، من التصعيد إلى البراغماتية، وسط دعم دولي حذر ورغبة من بعض القوى في تخفيف الاحتقان داخل المدن المتداخلة نفوذًا. الأيام القادمة قد تشهد دفعات جديدة، ما لم تعرقلها التباينات التقنية أو الضغوط الميدانية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6