قسد تناور بالدمج وتُعزز حضورها المسلح

سامر الخطيب

2025.05.25 - 11:42
Facebook Share
طباعة

 رغم الاتفاق المعلن بين “قسد” والحكومة السورية في آذار الماضي، والذي نصّ على دمج القوات والمجالس ضمن مؤسسات الدولة، إلا أن الوقائع الميدانية على الأرض تكشف عن مسار مختلف تسلكه قوات سوريا الديمقراطية. بدلًا من أن تنخرط في مشروع الدولة الموحدة، تواصل “قسد” تعزيز بنيتها العسكرية من خلال حملات التجنيد والدورات التدريبية، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول جدية الالتزام بالاتفاق.


الاتفاق الذي جمع مظلوم عبدي وأحمد الشرع، حمل وعودًا بإنهاء الازدواجية العسكرية والمدنية في شمال شرقي سوريا، لكنه لم يوقف نشاط “قسد” كقوة أمر واقع تسعى للاحتفاظ بتماسكها العسكري. وبعد أيام فقط من توقيع الاتفاق، أطلقت تدريبات عسكرية موسعة في الحسكة، تلتها دورات جديدة في الرقة والطبقة، وتصعيد في خطاب التجنيد الموجّه للشباب.


التحركات العسكرية لم تكن خجولة أو عرضية. على العكس، بدت وكأنها استعراض ميداني لرسالة واضحة: "نحن هنا باقون كقوة مستقلة". فإعلانات الانتساب كانت مستمرة، والدورات تتكرر، مع حديث صريح عن “بناء مستقبل سوريا الحديثة” من خلال “قسد”، لا ضمن مؤسسة الجيش الرسمي.


الواضح أن “قسد” تسعى لتحصين موقعها التفاوضي، من خلال تأكيد حضورها العسكري المتماسك. ففي ظل التعثر الحاصل في مفاوضات التنفيذ العملي للاتفاق، وانعدام الثقة بين الطرفين، يبدو أن قادة “قسد” يعتمدون على سياسة الأمر الواقع، وتعزيز نفوذهم الميداني، كورقة ضغط في مواجهة دمشق.


وتطالب “قسد” بالاندماج ضمن الجيش السوري على شكل فيلق أو فرقة موحدة، تُبقي على بنيتها وقيادتها الخاصة، وهو ما ترفضه دمشق بوصفه تهديدًا لوحدة القرار العسكري وسيادة الدولة. وفي المقابل، تتهم “قسد” الحكومة بالتمسك بسياسات الإقصاء.


اللافت أن الدعم الخارجي الذي تحظى به “قسد”، لا سيما من واشنطن، يوفّر لها مظلة تتحرك في ظلها دون أن تُلزم نفسها كليًا بمسار الدمج. فبينما تعلن دمشق أن لا جيش داخل جيش، تواصل “قسد” التوسع والتجنيد، وترسل إشارات إلى جمهورها بأنها لن تذوب في المؤسسة العسكرية، بل ستدخل إليها بشروطها.


هذه الاستراتيجية المزدوجة تضع مصير الاتفاق على المحك، إذ باتت احتمالات الفشل تلوح بوضوح في الأفق، ما لم يتم التوصل إلى تسوية حقيقية تشمل السلاح والقيادة والانتشار. أما استمرار “قسد” في بناء قوتها العسكرية بهذا الشكل، فلا يبدو إلا تمهيدًا لمرحلة صراع سياسي جديد، يرتدي قناع التفاهم المؤجل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4