في العاشر من آذار/مارس 2025، وقّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي اتفاقًا وُصف بالتاريخي، يهدف إلى دمج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية، بما في ذلك الجيش، وتوحيد الجغرافيا السياسية تحت سلطة مركزية واحدة. هذا الاتفاق، الذي جاء بعد مفاوضات شاقة، يُعد خطوة جريئة نحو إعادة تشكيل المشهد السياسي في سوريا، لكنه يواجه تحديات كبيرة قد تُعيق تنفيذه.
أسباب الاتفاق: ضغوط داخلية وخارجية
جاء الاتفاق في سياق ضغوط متزايدة على الطرفين. فالحكومة السورية، بقيادة الشرع، كانت تسعى لتحقيق إنجاز سياسي يُعزز شرعيتها بعد سقوط نظام الأسد، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية والانقسامات الداخلية. من جهتها، كانت "قسد" تواجه تهديدات من فصائل المعارضة المدعومة من تركيا، بالإضافة إلى ضغوط دولية، خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا، لدفعها نحو التفاوض مع دمشق.
بنود الاتفاق: طموحات وتحديات
ينص الاتفاق على دمج "قسد" في الجيش السوري، وضمان حقوق الأكراد في الدستور المستقبلي، وعودة المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية، مثل عفرين وتل أبيض. كما يشمل الاتفاق إدارة مشتركة للمعابر الحدودية وحقول النفط والغاز، وتشكيل لجان تخصصية لمتابعة تنفيذ البنود. إلا أن الخلافات لا تزال قائمة حول تفاصيل التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بشكل الاندماج العسكري والإداري.
تحديات التنفيذ: بين الواقع والطموح
رغم التفاهمات المبدئية، يواجه الاتفاق تحديات كبيرة. فالحكومة السورية تُصر على حصر السلاح بيد الدولة، بينما تسعى "قسد" للحفاظ على خصوصيتها التنظيمية داخل الجيش. كما أن هناك تباينًا في وجهات النظر حول إدارة الموارد الطبيعية وتوزيعها. بالإضافة إلى ذلك، تُثير بعض التصريحات من الجانبين مخاوف من إمكانية انهيار الاتفاق في حال عدم التوصل إلى حلول وسط.
الدور الدولي: دعم مشروط
يلعب المجتمع الدولي دورًا مهمًا في دعم الاتفاق، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تُشجعان على التوصل إلى حل سياسي شامل في سوريا. ويعتبر الاكراد ان رفع العقوبات الاميركية عن سورية واقامة علاقات مباشرة مع دمشق سوف يؤدي حتما الى اشراف ووساطة اميركية بينها وبين دمشق التي ترفض الفيدرالية او اعطاء خصوصية امنية وعسكرية لقوات قسد المسلحة، لكن قسد تراهن على الدعم الغربي اذ تعلم ان دعم فرنسا مثلا والاميركيين لحكم الرئيس الشرع مشروط و أن هذا الدعم مرتبط بتنفيذ الإصلاحات السياسية وضمان حقوق جميع المكونات السورية. في حين يستفيد الحكم السوري من حقيقة أن تركيا تُراقب التطورات عن كثب، وتُعبّر عن قلقها من أي ترتيبات قد تُعزز من نفوذ الأكراد على حدودها.
فرصة تاريخية أم تحدٍ جديد؟
يُعد اتفاق "الشرع – عبدي" فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة تُراعي التعددية وتُحقق المصالحة الوطنية. إلا أن نجاحه يتوقف على مدى التزام الطرفين بتنفيذ بنوده، وتجاوز الخلافات، والتعاون مع المجتمع الدولي. فهل ستتمكن سوريا من اغتنام هذه الفرصة لبناء مستقبل أفضل، أم أن التحديات ستُعيدها إلى دائرة الصراع؟