ماذا يستفيد لبنان من رفع العقوبات على سوريا؟

رامي عازار

2025.05.18 - 12:23
Facebook Share
طباعة

 مع الإعلان الأميركي الأخير عن تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، بدأت التساؤلات تتصاعد في لبنان حول الانعكاسات المحتملة لهذا التحول الجيوسياسي الكبير. فبلدٌ كلبنان، يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، يقف اليوم أمام مشهد إقليمي جديد قد يحمل فرصًا وتحديات في آنٍ معًا.


نهاية العزل الاقتصادي السوري: فرص محتملة لجوار مضطرب
القرار الأميركي الذي أُعلن من الرياض عقب لقاء غير مسبوق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، مثّل نقطة تحول في الملف السوري. فعلى الرغم من التحديات التي ما تزال تواجه سوريا على طريق التعافي، فإن فتح الباب أمام إعادة إدماجها في الاقتصاد العالمي يضع دول الجوار أمام سيناريوهات جديدة.


من وجهة نظر لبنانية، قد يشكّل هذا الانفتاح فرصة لتخفيف أعباء كبيرة، أبرزها ملف النزوح السوري الذي يثقل كاهل لبنان منذ أكثر من عقد. إذ قد تدفع الاستثمارات الدولية، وتدفق المساعدات لإعادة الإعمار في سوريا، بملايين اللاجئين إلى العودة إلى بلادهم إذا ترافقت مع ضمانات أمنية وسياسية حقيقية.


المعابر والتجارة والطاقة: مكاسب مرجوة
أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقة بين البلدين هو موضوع التهريب عبر الحدود البرية، لا سيما في ما يتعلق بالمحروقات والسلع المدعومة. فتح الاقتصاد السوري وعودة حركة التجارة الرسمية، من شأنه أن يقلص من تهريب البضائع عبر المعابر غير الشرعية، الأمر الذي يستنزف الخزينة اللبنانية ويؤثر على توازن السوق الداخلي.


في مجال الطاقة، يمكن للبنان أن يستفيد من مشروع استجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا، وهو مشروع جاهز تقنيًا لكنه كان معطلاً بسبب العقوبات. وفي حال رُفعت القيود، فإن هذا الخط قد يوفر حلًا جزئيًا لأزمة الكهرباء المستمرة في لبنان منذ عقود.


هل تهدد سوريا دور لبنان التقليدي في المنطقة؟
لأكثر من نصف قرن، تميّز لبنان بأنه مركز تجاري ومالي وسياحي في الشرق الأوسط، بما يمتلكه من حريات نسبية واقتصاد ليبرالي. إلا أن أي انفتاح سياسي واقتصادي واسع في سوريا يفتح النقاش حول إمكانية فقدان لبنان لبعض مزاياه التنافسية التقليدية، خاصة إذا نجحت دمشق في تسويق نموذج جديد للدولة ما بعد الحرب.


لكنّ خبراء اقتصاديين يرون أن العلاقة بين البلدين أقرب إلى التكامل منها إلى التنافس. الدكتور سامي نادر، الخبير الاقتصادي ومدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية، يوضح أن "سوريا تمتلك مساحات زراعية ويدًا عاملة، بينما يمتلك لبنان ميزات في قطاعي الخدمات والمال"، معتبرًا أن فتح الأسواق يمكن أن يخلق سوقًا مشتركًا يخدم أكثر من 25 مليون نسمة.


الزمن السياسي: لمن الأفضلية؟
رغم الآفاق الاقتصادية، تبقى السرعة في التحول السياسي نقطة حاسمة. ففيما تسعى سوريا لتثبيت شرعية السلطة الانتقالية والانفتاح على الخليج والغرب، يقف لبنان في مكانه، مثقلًا بالخلافات الداخلية، والتردد في معالجة ملفات سياسية كبرى.


الخلاصة: بين الحذر والانفتاح
لبنان اليوم أمام مفترق طرق. رفع العقوبات عن سوريا لا يعني فقط عودة دولة مجاورة إلى الخريطة السياسية والاقتصادية، بل يعني أيضًا تغيّر قواعد اللعبة في المنطقة. فبين تحسين شروط عودة اللاجئين، وتأمين موارد طاقة عبر الجار الشرقي، وخطر فقدان الدور الاقتصادي الريادي، يجد لبنان نفسه مجبرًا على إعادة صياغة أولوياته الداخلية والخارجية.


فالأسئلة التي كانت مؤجلة باتت ملحّة: هل يستفيد لبنان من نهوض سوريا؟ أم يتحوّل الانفتاح إلى مرآة تعكس ما عجز لبنان عن تحقيقه داخليًا؟

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10