تواجه مدينة حلب، إحدى أعرق الحواضر السورية، تدهورًا حادًا في الخدمات الأساسية، مما أدى إلى تفاقم معاناة السكان الذين باتت حياتهم اليومية مرتبطة بمحاولات مستمرة لتأمين احتياجاتهم الأساسية في ظل ظروف معيشية قاسية.
أبرز مظاهر الأزمة يتمثل في انقطاع الكهرباء، حيث يعاني الأهالي من تقنين شديد يصل إلى نحو 18 ساعة قطع يوميًا مقابل بضع ساعات من الوصل غير المنتظم، ما يضطر الكثيرين للاعتماد على المولدات الخاصة، رغم تكاليفها الباهظة. في المقابل، لا تتوفر هذه البدائل للجميع، مما يترك شرائح واسعة من السكان بلا كهرباء، خاصة في فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة.
أزمة المياه لا تقلّ حدة، إذ تُضخ المياه إلى المنازل ليوم أو يومين فقط في الأسبوع، وغالبًا ما تكون غير صالحة للشرب. ونتيجة لذلك، يعتمد العديد من السكان على شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة قد تصل إلى 50 ألف ليرة سورية للصهريج الواحد، في ظل غياب رقابة صحية فعالة، ما يثير مخاوف من تفشي الأمراض.
وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، تعاني المراكز الطبية من نقص في الأدوية والكوادر، ما يدفع المرضى إلى اللجوء إلى القطاع الخاص، الذي تُعدّ تكاليفه خارج قدرة معظم السكان. أما قطاع التعليم، فهو يواجه مشكلات متزايدة، منها الاكتظاظ داخل الصفوف ونقص الوسائل التعليمية والتجهيزات، ما يُضعف جودة التعليم ويؤثر سلبًا على العملية التربوية.
اقتصاديًا، تُمثّل أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية عبئًا إضافيًا على الأهالي، حيث ارتفعت أسعار الخبز والخضروات واللحوم إلى مستويات غير مسبوقة. وتشير التقديرات المحلية إلى أن متوسط كلفة تأمين المواد الأساسية يتجاوز بكثير قدرة دخل الأسرة العادية.
تتداخل عدة عوامل في هذا التدهور، منها آثار الحرب التي خلفت دمارًا واسعًا في البنى التحتية، بالإضافة إلى مشكلات مزمنة تتعلق بالفساد الإداري، وضعف التخطيط، وهجرة الكفاءات، وسوء توزيع الموارد. كما يلعب الانهيار الاقتصادي العام دورًا رئيسيًا في تدهور الوضع الخدمي والمعيشي.
رغم ذلك، يعبّر عدد كبير من الأهالي عن شعورهم بعدم وجود استجابة كافية من الجهات الرسمية، ويُحمّلون الإدارات المحلية مسؤولية التقاعس عن تحسين واقع الخدمات. ويطالب السكان بخطوات ملموسة تبدأ بإعادة تنظيم الخدمات الأساسية، وتحقيق رقابة على الأسعار، وضمان العدالة في توزيع الموارد، إلى جانب توفير برامج دعم فعّالة تساهم في تخفيف العبء المعيشي.