نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) دراسة حديثة أعدّها الباحث البارز يوئيل غوزانسكي، تناول فيها السيناريوهات المحتملة بشأن إحياء الاتفاق النووي مع إيران، والتداعيات السياسية والأمنية المتوقعة لذلك على إسرائيل، في ظل التطورات الإقليمية والدولية. وفيما يلي النص الكامل للدراسة كما ورد:
فرص الاتفاق النووي والتداعيات المحتملة على إسرائيل
تتمسك إسرائيل بموقفها التقليدي الذي يعارض العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، كما كان عليه في عام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة - JCPOA). ومع ذلك، فإن مؤشرات الأشهر الأخيرة تدل على أن الولايات المتحدة وإيران، ووسط جهود وساطة أوروبية، تتجهان نحو تفاهمات جزئية، لا ترقى إلى مستوى اتفاق رسمي، لكنها تعيد بعضاً من التزامات الاتفاق الأصلي.
في هذا السياق، يشير الباحث يوئيل غوزانسكي إلى أن هذه التفاهمات قد تشمل تجميداً مؤقتاً لبعض أنشطة إيران النووية، مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، وفتح قنوات مالية محدودة. كما قد تشمل خطوات لبناء الثقة مثل إطلاق سراح أسرى ورفع بعض القيود على التجارة الإنسانية.
تقدّر الدراسة أن إسرائيل ترى في هذه التفاهمات خطراً مزدوجاً: من جهة، قد تؤدي إلى إضفاء شرعية ضمنية على التقدم الذي أحرزته إيران في برنامجها النووي خلال السنوات الماضية؛ ومن جهة أخرى، قد تضعف قدرة إسرائيل على حشد دعم دولي لأي عمل عسكري محتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.
يرى غوزانسكي أن القيادة الإسرائيلية، سواء على المستوى السياسي أو الأمني، تدرك أن الخيار العسكري ليس مثالياً، لكنه قد يبقى مطروحاً إذا فشلت الجهود الدبلوماسية بالكامل. ويؤكد أن التفاهمات الجزئية، رغم كونها أفضل من لا شيء، تمنح إيران الوقت لمواصلة تطوير قدراتها التقنية، مع الحفاظ على مظلة دبلوماسية تخفف من الضغوط الدولية عليها.
تحذر الدراسة من أن رفع بعض العقوبات سيمكن إيران من زيادة تمويل أذرعها الإقليمية، بما في ذلك حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا. هذا التمويل، بحسب الدراسة، سيزيد من التهديدات التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية والجنوبية، كما سيعقّد جهود احتوائها لتلك الجماعات.
في ختام الدراسة، يوصي الباحث غوزانسكي صنّاع القرار في إسرائيل بتكثيف الضغط على الإدارة الأميركية والأطراف الأوروبية لمنع تقديم تنازلات كبيرة لطهران، وبضرورة تعزيز الجاهزية العسكرية الإسرائيلية تحسّباً لأي سيناريو تصعيدي. كما يدعو إلى العمل بشكل أكثر قرباً مع الحلفاء الإقليميين، خاصة في الخليج، لبناء جبهة موحدة تردع إيران وتحد من نفوذها المتنامي في المنطقة.