تركيا بين دعم دمشق وتفادي التصعيد الإسرائيلي

سامر الخطيب

2025.05.05 - 05:09
Facebook Share
طباعة

 تشهد الساحة السورية توترات متصاعدة في أعقاب تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية داخل الأراضي السورية، ما وضع تركيا في موقف معقد بين دعم الحكومة الجديدة في دمشق، وتجنب الانزلاق في مواجهة مباشرة مع تل أبيب.


وبينما تشير تقارير إلى تنسيق متزايد بين أنقرة ودمشق بعد التغيير السياسي الأخير، فإن قدرة تركيا على تقديم دعم عسكري مباشر تبدو محدودة، بسبب غياب القواعد الجوية على الأرض السورية، وتوازنات إقليمية ودولية دقيقة، من بينها الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل ضمنيًا.


تصعيد ميداني وتضارب مصالح
شهدت الفترة الماضية استهدافات إسرائيلية متكررة لمواقع عسكرية سورية، منها قاعدة "تي 4" قرب حمص ومطار حماة، فيما فُسر على أنه تحرك استباقي ضد أي مساعٍ تركية لتحويل هذه المواقع إلى قواعد عسكرية لها. ولم تعلن أنقرة رسميًا نيتها إنشاء قواعد، لكنها أكدت استمرار المحادثات الفنية مع دمشق بشأن التعاون الأمني.


في الوقت ذاته، تدعم أنقرة الحكم السوري الجديد سياسيًا في وجه الضربات الإسرائيلية، سواء عبر التصريحات الرسمية أو في المحافل الدولية، مع التشديد على أن سوريا ليست ساحة لصراع النفوذ بين تركيا وإسرائيل.


لقاءات لتجنب التصعيد
وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أعلن أن بلاده لا تسعى لمواجهة مع إسرائيل داخل سوريا، مشيرًا إلى لقاءات عقدها مسؤولون أتراك وإسرائيليون في باكو لتجنب أي تصادم ميداني أو سوء فهم يتعلق بالعمليات العسكرية.


من جانبها، أكدت مصادر إسرائيلية أن تل أبيب لا ترغب في تصعيد مع أنقرة، بل قد تتقبل وجودًا تركيًا محدودًا في سوريا، بشرط أن لا يمس مصالحها الأمنية، خاصة في المناطق الجنوبية القريبة من الجولان.


أهداف تركية في سوريا
تركيا تضع ضمن أولوياتها في سوريا التصدي لتنظيم "داعش" ومنع تمدد "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا في أنقرة. وتسعى إلى تشكيل تحالف إقليمي، يضم سوريا والعراق ولبنان والأردن، لمحاربة الإرهاب دون تدخل خارجي، تحت عنوان "الملكية الإقليمية".


وفي هذا السياق، تسعى تركيا إلى طمأنة كل من إسرائيل والولايات المتحدة بأن وجودها العسكري لا يستهدف سوى التنظيمات المتشددة، وليس جزءًا من صراع نفوذ إقليمي.


توازن معقّد ومناورة دقيقة
في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية والوجود الأميركي في مناطق "قسد"، تبقى خيارات أنقرة محدودة ميدانيًا. فهي تتجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل، وتحاول في الوقت ذاته حماية نفوذها الاستراتيجي ومنع تمدده الكردي شمال شرقي سوريا.


المعادلة التي تواجهها تركيا تتمثل في تقديم دعم سياسي للنظام السوري الجديد دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مع التعويل على علاقاتها مع واشنطن لاحتواء التوتر وضمان حضورها في ترتيبات ما بعد الحرب، خاصة إذا تم تنفيذ انسحاب أميركي محتمل من سوريا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7