أنهت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا الاحتجاجات التي كانت قد نظمتها في محيط سد "تشرين" شرقي محافظة حلب، بعد أيام من التوترات والاشتباكات، في أعقاب اتفاق يقضي بعودة السد إلى سيطرة الحكومة السورية.
وأكدت "الإدارة الذاتية" في بيان صادر يوم الاثنين، 5 أيار، أن وفدًا من قياداتها زار السد للاطلاع على الأوضاع ميدانيًا، ولقاء المدنيين المعتصمين داخله. وضم الوفد الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي وأعضاء من هيئات ومكاتب مختلفة، وألقى خلال الزيارة بيانًا أكد فيه انتهاء الاحتجاجات، معتبرًا أن "المظاهرات نجحت في حماية الأرض والمكتسبات"، على حد وصفه.
وكان سد "تشرين"، الواقع جنوب شرقي منبج، قد شهد توترًا أمنيًا على خلفية اشتباكات بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وفصائل من "الجيش الوطني السوري"، الذي أعلن لاحقًا انضمامه إلى وزارة الدفاع السورية، ما جعل المنطقة مركزًا للصراع والتجاذب بين الأطراف المحلية والإقليمية.
روايتان متناقضتان
اتهمت "الإدارة الذاتية" تركيا بالوقوف وراء استهداف قوافل المدنيين الذين كانوا في طريقهم للمشاركة في الاعتصامات داخل السد، وقالت إن عددًا من المحتجين قُتلوا نتيجة قصف المناطق القريبة من الاشتباكات. كما شاركت في تشييع بعض الضحايا، مؤكدة استمرارها في حماية مصالح المنطقة وسكانها.
في المقابل، نفت وزارة الدفاع التركية هذه الاتهامات، واعتبرت أن "قسد" استخدمت المدنيين كـ"دروع بشرية"، مشيرة إلى أن إرسالهم إلى منطقة نزاع مسلح يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني. وأكدت أن هذه الممارسات تعكس استغلالًا للمدنيين في سياقات عسكرية معقدة.
اتفاق قيد التنفيذ
بالتزامن مع الأحداث، دخلت وحدات من الجيش السوري إلى منطقة سد "تشرين"، بموجب اتفاق أُبرم مع "قسد"، يهدف إلى تسليم السيطرة الأمنية إلى الحكومة المركزية، وتهيئة المنطقة لإعادة الخدمات وإصلاح البنية التحتية.
وذكرت وكالة "سانا" الرسمية أن هذا الاتفاق جاء ضمن جهود لفرض "الأمن والاستقرار"، وأن فرق الصيانة باشرت بإصلاح الأعطال في منشآت السد، تمهيدًا لإعادته إلى العمل الطبيعي بعد سنوات من توقفه.
في المقابل، لم تُكشف بنود الاتفاق بشكل رسمي أو تفصيلي، فيما أشارت مصادر محلية إلى مشاركة وفد من التحالف الدولي في اجتماعات مشتركة جمعت ممثلين عن الحكومة السورية و"قسد"، ما يسلط الضوء على تعقيد الملف السياسي والأمني في مناطق الإدارة الذاتية.
قراءة في المشهد
يعكس إنهاء الاحتجاجات وتحركات "الإدارة الذاتية" محاولة لاحتواء تصعيد عسكري محتمل في منطقة حساسة مائيًا واستراتيجيًا، في ظل تداخل النفوذ بين الأطراف المحلية والإقليمية. كما تبرز أهمية السد، ليس فقط كمورد مائي وكهربائي، بل كرمز للسيطرة والنفوذ في شمال سوريا، ما يجعل أي اتفاق حوله محكًا لاختبار التفاهمات بين "قسد"، الحكومة السورية، وتركيا.
ورغم الهدوء الظاهري، تبقى المنطقة عرضة لاحتمالات تصعيد جديد، ما لم تُعالج الأسباب العميقة للصراع وتتضح معالم اتفاقات التسوية بشكل شفاف ومستدام.