بعد سنوات من التهجير والنزوح، يواصل أهالي ريف إدلب الجنوبي توجيه نداءاتهم لإنهاء معاناتهم التي خلفتها سنوات من الحرب. بين الأنقاض والمباني المدمرة، يتأمل هؤلاء في إعادة إعمار بيوتهم وتوفير الخدمات الأساسية التي فقدوها. العودة إلى القرى لم تكن كما كان يتوقعها الكثيرون؛ إذ سرعان ما وجدوا أنفسهم أمام مشهد من الدمار الشامل في معظم مناطقهم، حيث لا ماء ولا كهرباء، ولا حتى شبكة صرف صحي صالحة.
أكثر ما يواجهه هؤلاء السكان هو فقدان أدنى مقومات الحياة. المدارس التي كانت تشكل أمل الأجيال القادمة، أصبحت الآن عبارة عن خرائب، مما جعل أطفالهم محرومين من التعليم. كما أن الطرقات بين القرى مليئة بالمخاطر، حيث أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تجعل التنقل مهمة شاقة ومهددة لحياة الأهالي.
ومن بين هؤلاء الأهالي، يروي أحد المواطنين من بلدة كفرنبل قصته مع العودة إلى منزله الذي كان قد هجره منذ سنوات بسبب النزاع. يقول زهير: "عدت إلى بيتي ليكون بلا سقف، وجدرانه بالكاد صامدة. لا نطلب المستحيل، فقط نريد حياة كريمة في مكان يحمي أطفالنا من برد الشتاء وحر الصيف." هذه الكلمات تعكس واقعًا مريرًا يعيشه الكثير من السكان الذين يواجهون تحديات كبيرة للبقاء على قيد الحياة.
الوضع في بلدة معرة حرمة المجاورة ليس أفضل حالاً. يقول "محمد" من البلدة: "عدت إلى منزل مدمّر تمامًا. البلدة بحاجة إلى كل أنواع الدعم. الوضع هنا صعب للغاية، والفقر يمنعنا من العودة بشكل كامل." هذا الواقع ينعكس بشكل واضح على حياة الأهالي الذين يعانون من أزمة اقتصادية خانقة، تعيق قدرتهم على إعادة بناء حياتهم.
منذ اندلاع النزاع قبل 13 عامًا، عاشت المنطقة سلسلة من الأزمات التي خلفت وراءها آثارًا مدمرة على مستوى البنية التحتية، بالإضافة إلى الخسائر البشرية. العائلات التي كانت قد نزحت إلى مناطق أخرى بسبب القصف والدمار، تجد الآن نفسها مجبرة على العودة إلى مناطقها الأصلية، ولكنها تواجه ظروفًا أسوأ من تلك التي كانت قد هربت منها.
وفي ظل هذا الوضع، يطالب الأهالي المنظمات الإنسانية والجهات المعنية بتقديم الدعم العاجل لإطلاق مشاريع إعادة الإعمار، والتخفيف من وطأة المعاناة التي يعيشونها. إذ يظل الأمل في إعادة بناء المنازل والمدارس والمرافق الصحية هو الدافع الوحيد لهم لاستعادة حياتهم الطبيعية.
وبينما يواصل السوريون محاولات العودة إلى ديارهم، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية توفير بيئة آمنة ومستدامة لهم بعد سنوات من الحروب. في ظل هذه الأوضاع، يبقى الأمل في المستقبل مشروطًا بالتحرك العاجل من قبل المجتمع الدولي والجهات المعنية لإعادة إعمار المنطقة وتأمين حياة كريمة للأهالي.