الوجود الإسرائيلي في الجنوب السوري: رسائل ميدانية واستعراض عسكري
أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، جولة ميدانية في جنوب سوريا، شملت عدداً من النقاط التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، برفقة قادة عسكريين بارزين بينهم قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين، وقائد الفرقة 210 يائير بالاي.
الزيارة، التي وُصفت بأنها "تقييم للوضع الميداني"، تأتي في إطار ما اعتبرته إسرائيل "دفاعاً استراتيجياً" في منطقة تشهد تحولات متسارعة منذ انهيار السلطة المركزية في دمشق أواخر عام 2024، وتقدم القوات الإسرائيلية في بعض قرى محافظتي القنيطرة ودرعا.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، نقل عن زامير قوله إن "وجودنا هنا يحمل أهمية أمنية قصوى، خصوصاً بعد تفكك الدولة السورية"، مضيفاً أن "هذه النقاط تتيح لنا رؤية سلسلة جبلية واسعة، ما يمنحنا أفضلية استراتيجية".
تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عكست بشكل غير مباشر مقاربة تقوم على استغلال الانهيار السوري لتحقيق مكاسب ميدانية، وهو ما يُنظر إليه في بعض الأوساط كاستثمار عسكري في فراغ سياسي، ضمن منطقة عازلة كانت سابقاً تخضع لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع عام 1974.
يُذكر أن هذه الزيارة هي الثانية لرئيس الأركان الإسرائيلي إلى جنوب سوريا، بعد زيارة أولى في كانون الثاني الماضي، تزامنت مع الكشف عن شروع الجيش الإسرائيلي ببناء قواعد عسكرية داخل الأراضي السورية، بعضها يقع في المنطقة العازلة التي كان يُفترض أن تبقى منزوعة السلاح.
صور أقمار صناعية نشرتها جهات إعلامية في شباط الماضي أظهرت إنشاء سبع قواعد إسرائيلية تمتد من جبل الشيخ شمالاً، حتى تل كودنة جنوباً، في مناطق مثل حضر، الحميدية، جباتا الخشب، والقحطانية، وهي نقاط قريبة من المثلث الحدودي مع الأردن.
ورغم أن إسرائيل لم تُصدر بيانات رسمية موسعة حول نواياها طويلة الأمد في هذه المناطق، إلا أن الوجود العسكري المتزايد، مع بناء قواعد وتكثيف الدوريات البرية، يوحي بأنّ هذا التوسع لن يكون مؤقتاً.
في المقابل، لا تزال المواقف الإقليمية والدولية من هذا التحرك محدودة التأثير، في ظل انشغال المجتمع الدولي بتطورات الملف السوري داخلياً، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل الحدود الجنوبية لسوريا، ومدى قدرة الدولة السورية على استعادة هذه المناطق في المدى المنظور.
