إسرائيل في الجنوب السوري: توغل عسكري ممنهج وسط صمت دولي

رزان الحاج

2025.04.12 - 11:57
Facebook Share
طباعة

 تحولت محافظتا درعا والقنيطرة جنوب سوريا خلال شهر نيسان إلى ساحة توتر غير معلن، نتيجة تصعيد إسرائيلي واسع وغير مسبوق في نوعية وعدد التحركات العسكرية، بما يشمل توغلات برية، نصب حواجز، عمليات تفتيش، إنزالات مفاجئة، وإلقاء منشورات تحذيرية على الأهالي، في سلوك أشبه ما يكون بـ"استعراض سيطرة ميدانية مؤقتة" على الأرض السورية.


التحركات التي وثّقتها مصادر محلية لا يمكن فصلها عن سياق التصعيد الإقليمي، حيث تنتهج إسرائيل سياسة "الضربات الاستباقية" بحجة التصدي لمحاور التمدد الإيراني. لكنها في الواقع، تكرّس سياسة الأمر الواقع عبر فرض وجود عسكري ميداني متكرر، وانتهاك مباشر لسيادة الأراضي السورية، دون أي ردع دولي فعّال.


في بداية نيسان، صادرت القوات الإسرائيلية خمس دراجات نارية في قرية سد المنطرة بريف القنيطرة، بعد توقيف عشرة شبان كانوا يتنزهون في المنطقة. تم توثيق بياناتهم الشخصية والتقاط صور فردية لكل منهم، في خطوة أثارت قلقاً واسعاً في الأوساط المحلية، حيث باتت مثل هذه الإجراءات تحمل طابع الاحتلال لا الاستطلاع.


وفي الثاني من نيسان، توغلت قوة كبيرة في حرش سد الجبيلية قرب مدينة نوى بدرعا، وسط غموض حول نواياها، في ظل تسريبات عن نية تثبيت نقاط عسكرية دائمة في تلك المنطقة، ما قد يشكل تغييراً في قواعد الاشتباك على الأرض.


وفي الثالث من الشهر، ألقت إسرائيل منشورات على قرية كويا، تحذر المدنيين من التحرك المسلح أو استخدام طرق محددة في محيط البلدة، في سلوك استعلائي يعتبره كثيرون تدخلاً مباشراً في الشأن المحلي، ومحاولة لترهيب السكان وفرض تعليمات "احتلالية" بلغة ناعمة.


وفي الحادي عشر من نيسان، سُجّل تحرّك مكثف وغير اعتيادي، حيث تمركزت خمس دبابات إسرائيلية ونحو 100 جندي في منطقة التلول الحمر، ما بين بيت جن وحضر في القنيطرة، بالتوازي مع نصب حواجز على طريق حضر–طرنجة، ومنع عبور الأهالي والمزارعين. وسبق ذلك عملية إنزال وتفتيش لمنازل المدنيين في طرنجة، نُفذت ليلاً تحت غطاء من الطيران المسيّر، ما خلف حالة من الخوف والذعر في صفوف السكان.


اللافت أيضاً، أن هذه التحركات الإسرائيلية جاءت متزامنة مع انسحاب جزئي لقوات أجنبية مرتبطة بوزارة الدفاع السورية في محافظة طرطوس، بعد استهدافات إسرائيلية متكررة لمراكز عسكرية هناك، وهو ما يشير إلى محاولة إسرائيلية للضغط على الوجود العسكري السوري على الساحل أيضًا، وليس فقط في الجنوب.


هذه الوقائع تكشف عن نمط جديد من العدوان الإسرائيلي يتمثل في الانتقال من الضربات الجوية إلى ممارسات عسكرية ميدانية مباشرة داخل الأرض السورية، بما يشمل الحواجز، التوغلات، المداهمات، والمنشورات، ما يجعل الجنوب السوري أقرب إلى "منطقة تماس مفتوحة"، في ظل تقاعس واضح من المجتمع الدولي.


وبينما تبرر إسرائيل تلك العمليات بأنها إجراءات أمنية وقائية، يرى مراقبون أن استمرار هذه الممارسات دون محاسبة يشجعها على تحويل مناطق سورية إلى مناطق اختبار للهيمنة والسيطرة الجغرافية، في تناقض صارخ مع كل المواثيق الدولية المتعلقة باحترام السيادة.


ويبقى السؤال: إلى متى ستستمر هذه الانتهاكات دون رد حقيقي من الدولة السورية أو تحرك دولي جاد؟ وهل يقبل أهالي الجنوب أن تتحول مدنهم إلى "مناطق تماس" في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4