رحلات سياحية إسرائيلية في الجولان المحتل: خطوة تطبيعية أم تمهيد للاستيطان؟

رزان الحاج

2025.04.06 - 11:15
Facebook Share
طباعة

 في خطوة أثارت جدلاً واسعاً ومخاوف حقيقية من تغييرات ديموغرافية وجيوسياسية في الجنوب السوري، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنظيم رحلات سياحية للمستوطنين، بمرافقة مرشدين، خلال عطلة عيد الفصح اليهودي، إلى مناطق في الجولان السوري المحتل. وتأتي هذه الخطوة في وقت يتسم بالحساسية الأمنية والسياسية، ما يطرح تساؤلات حول النوايا الإسرائيلية الحقيقية خلف هذه الجولات، والرسائل التي تحملها إلى الداخل السوري والدولي على حد سواء.


وبحسب ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن هذه الجولات تشمل مناطق طبيعية خلّابة داخل الأراضي السورية المحتلة، وقد تم تنسيقها بين القيادة العسكرية الشمالية للجيش الإسرائيلي، والفرقة 210، ومركز "كيشت يهوناتان" التعليمي، ومدرسة الجولان الميدانية، إضافة إلى المجلس الإقليمي للجولان وهيئة الطبيعة والمتنزّهات.


ومن اللافت أن هذه الرحلات لا تقتصر على المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل منذ احتلال الجولان عام 1967، بل تمتد لتشمل المنطقة العازلة التي تقع بين السياج الحدودي وخط وقف إطلاق النار، والممتدة من شمال القنيطرة إلى ريف درعا الجنوبي الغربي، وتحديداً في حوض اليرموك. وستشمل الرحلات وادي الرقاد، الذي ينبع من هضبة الجولان ويُعد أحد روافد نهر اليرموك، بحسب ما أورد موقع "كيباه" الإسرائيلي.


قلق محلي من مخطط استيطاني مقنّع
هذه الخطوة لم تمر دون رد فعل محلي، إذ عبّر عدد من أبناء المناطق المحاذية للجولان عن تخوفهم مما اعتبروه “محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد”، يتجاوز السياحة الظاهرية ويهدف إلى توسيع الاستيطان وترسيخ الوجود الإسرائيلي في أراضٍ سورية جديدة.


وقال مصدر محلي من سكان حوض اليرموك: "ما يجري اليوم يعيد إلى الأذهان مشهد الاجتياح الإسرائيلي في عام 1967. الأمر لا يتعلق بالسياحة وإنما هو خطوة استيطانية مقنّعة". وأكد المصدر أن "الهدف البعيد هو الاستيطان وليس التنزه"، مشيراً إلى أن سكان المنطقة سبق أن حاولوا التواصل مع محافظي درعا والقنيطرة لتحذيرهم من هذا التوسع الإسرائيلي، إلا أنهم قوبلوا بالتجاهل.


هذا التوسع الميداني تحت غطاء "السياحة" يتزامن مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية، سواء من خلال الغارات الجوية أو التوغلات البرية.


ويحذر مراقبون من أن الصمت السوري الرسمي في وجه هذه الخطوات قد يُفسّر دولياً كإشارة ضمنية على تراجع دمشق عن مواقفها التقليدية من الاحتلال الإسرائيلي للجولان. كما أن استمرار إسرائيل في استخدام الأدوات المدنية، مثل السياحة والأنشطة البيئية، لتوسيع حضورها في الجولان يُعدّ استكمالاً لسياسة فرض الأمر الواقع التي بدأت منذ احتلال المنطقة.


إسرائيل تلوّح بالبقاء الدائم
في تصريحات لافتة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الجيش الإسرائيلي "سيبقى في سوريا وسيتحرّك ضد أي تهديدات"، في تأكيد واضح على استراتيجية إسرائيل التوسعية في الجنوب السوري، والتي تتجاوز الأهداف العسكرية إلى طموحات جغرافية واستيطانية طويلة الأمد.


ويُذكر أن التوغلات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي السورية بدأت فعلياً في ديسمبر الماضي، بعد سقوط النظام، حيث وصلت القوات الإسرائيلية إلى مشارف جبل الشيخ، المطل على العاصمة دمشق، متجاوزة بذلك المنطقة العازلة التي ترعاها الأمم المتحدة.


ختاماً: الحاجة إلى تحرّك عاجل
ما يجري في الجولان السوري المحتل اليوم، لا يمكن فصله عن سياق إقليمي ودولي يتسم بالتغيرات السريعة والمفاجئة. وتُعد الرحلات السياحية الإسرائيلية في هذه المناطق رسالة سياسية أكثر من كونها نشاطاً ترفيهياً، وتهدف إلى تثبيت أقدام الاحتلال وتعزيز حضوره في الوعي العام كمسيطر دائم على الأرض.


في ظل هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحّة لتحرك سوري رسمي وشعبي، لوضع حد لهذا التغلغل المتزايد، سواء عبر المسارات الدبلوماسية أو من خلال الضغط الإعلامي والدولي. لأن ترك الأمور تتطور بهذا الشكل، يفتح الباب أمام استكمال مشروع التهويد الكامل للجولان، وتحويله إلى ملف منسي في ذاكرة السوريين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4