يشهد القطاع الصحي في إدلب انهيارًا خطيرًا نتيجة توقف التمويل الدولي، مما أدى إلى إغلاق العديد من المشافي والمراكز الطبية، وترك السكان، خصوصًا الفقراء والنازحين، دون رعاية صحية كافية. هذا التوقف المفاجئ يعكس أزمة متفاقمة تتهدد حياة المرضى، وتزيد من احتمالات انتشار الأمراض والأوبئة، في ظل غياب أي حلول مستدامة لدعم هذا القطاع الحيوي.
أسباب توقف الدعم الطبي
تعتمد المراكز الطبية في إدلب بشكل أساسي على الدعم المقدم من المنظمات الإنسانية والدولية، لكن مع تراجع التمويل منذ منتصف عام 2024، اضطرت العديد من هذه المنشآت إلى الإغلاق. انسحاب بعض المنظمات الطبية، نتيجة نقص الموارد المالية والتغيرات في أولويات المانحين الدوليين، ساهم في حرمان السكان من الخدمات الصحية الأساسية.
المرافق التي تأثرت بشكل مباشر تشمل مشفى باب الهوى، ومستشفيات في بلدات أطمة، قاح، حارم، وسلقين، حيث كانت هذه المنشآت تقدم خدمات طبية مجانية تشمل التوليد، الجراحات، رعاية الأطفال، وتقديم الأدوية والاستشارات الطبية.
التداعيات الصحية والاجتماعية
1. تفاقم معاناة المرضى وارتفاع تكاليف العلاج
يواجه المرضى اليوم صعوبة في الحصول على العلاج بعد إغلاق المستشفيات المجانية، مما أجبرهم على اللجوء إلى المشافي الخاصة التي تفرض رسومًا مرتفعة، تصل في بعض الحالات إلى مئات الدولارات، وهو ما لا يمكن للكثير من الأهالي تحمله.
2. فقدان الوظائف وزيادة الفقر
توقف الدعم أدى إلى فقدان مئات العاملين في القطاع الصحي لوظائفهم، مما ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية في المنطقة. كثير من العاملين في المجال الطبي كانوا يعتمدون على هذه المنشآت لتأمين دخلهم، ومع إغلاقها، أصبحوا دون مصدر رزق.
3. انتشار الأمراض والأوبئة
مع تراجع الخدمات الصحية، تزداد المخاوف من انتشار الأوبئة، خاصة في المخيمات التي تفتقر إلى بنى تحتية صحية مناسبة. غياب الرعاية الصحية الأولية، مثل التلقيح ومعالجة الأمراض المزمنة، يزيد من مخاطر تفشي الأمراض بين النازحين.
الخيارات المتاحة لمواجهة الأزمة
1. إعادة تفعيل الدعم الدولييجب على المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي إعادة النظر في تمويل القطاع الصحي في إدلب، نظرًا لأهمية الخدمات الطبية المقدمة لسكان المنطقة.
2. تعزيز المبادرات المحليةيمكن دعم الفرق الطبية المحلية والمجتمع المدني لإنشاء مراكز طبية بديلة تعتمد على التبرعات والجهود التطوعية، ولو بشكل جزئي.
3. إشراك القطاع الخاص والمنظمات غير الحكوميةتعزيز الشراكة بين القطاع الصحي الخاص والمنظمات غير الحكومية يمكن أن يساعد في توفير خدمات بأسعار منخفضة أو مجانية للفئات الأكثر ضعفًا.
إغلاق المشافي والمراكز الطبية في إدلب يمثل تهديدًا خطيرًا لصحة السكان، خصوصًا في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة. إذا لم يتم تدارك الوضع من خلال تحركات دولية أو محلية جادة، فقد يواجه القطاع الصحي انهيارًا تامًا، مما سيؤدي إلى تداعيات كارثية على الأهالي والنازحين في المنطقة. الحلول يجب أن تكون عاجلة ومستدامة لضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية الأساسية وإنقاذ آلاف الأرواح من الخطر المحدق.