السياسة الأمريكية تجاه سوريا: بين الأولويات الاستراتيجية والتحديات الإقليمية

سامر الخطيب

2025.03.30 - 03:28
Facebook Share
طباعة

 لم تتضح توجهات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال الملف السوري بشكل دقيق عند توليها السلطة، إذ بدا أن سوريا لم تكن في مقدمة أولوياتها مقارنةً بقضايا إقليمية أخرى. ورغم وجود قوات أمريكية على الأراضي السورية، فإن واشنطن لم تتعامل مع الأزمة السورية كملف مستقل، بل ربطته بعلاقاتها مع دول الإقليم، مثل تركيا وإسرائيل، إلى جانب موقفها من النفوذ الإيراني في المنطقة.


التوجهات الأمريكية والشروط المطروحة
في الأشهر الأخيرة، برزت ملامح السياسة الأمريكية من خلال تسريبات نقلتها وكالة "رويترز"، تشير إلى تقديم واشنطن قائمة شروط إلى الحكومة السورية الجديدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. وشملت هذه المطالب تدمير المخزون المتبقي من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والتأكد من عدم تولي مقاتلين أجانب مناصب قيادية في الهيكل الحاكم، إضافة إلى تعيين ضابط اتصال للمساعدة في البحث عن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.


الوجود الأمريكي في سوريا وأهميته الاستراتيجية
رغم تراجع الاهتمام الأمريكي العلني بسوريا، فإن وجود نحو ألف جندي أمريكي على الأراضي السورية يعكس استمرار واشنطن في استخدام هذا الملف ضمن استراتيجيتها في الشرق الأوسط. وتُعد القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا جزءًا من جهود محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما تشكل عنصرًا في الحسابات الإقليمية، خصوصًا في ظل التوترات مع إيران وروسيا.


سوريا ضمن الترتيبات الإقليمية
ترى بعض التحليلات أن تراجع النفوذ الروسي في سوريا قلل من أهميتها على الأجندة الأمريكية، لا سيما بعد تفاهمات بين واشنطن وموسكو لتقسيم مناطق النفوذ. ويؤكد محللون أن سوريا ليست ملفًا مستقلًا بالنسبة للولايات المتحدة، بل تتداخل مع قضايا أوسع، مثل أمن إسرائيل، التوازنات مع إيران، والعلاقات مع تركيا ودول الخليج.


التحديات أمام العلاقات الأمريكية-السورية
منذ تسريب الشروط الأمريكية، لم تعد مسألة تخفيف العقوبات غامضة، إذ وضعت واشنطن شروطًا واضحة تتعلق بالأمن الإقليمي، ومحاربة الإرهاب، وحماية الأقليات. إلا أن هذه الشروط تواجه تحديات عدة، أبرزها موقف إسرائيل، التي تنظر إلى الحكومة السورية الجديدة بريبة، وتسعى لضمان عدم تعاظم النفوذ الإيراني أو أي تهديد لأمنها.


التنسيق الأمريكي-الإسرائيلي والتوترات المحتملة
تتوافق المصالح الأمريكية والإسرائيلية في بعض الجوانب، مثل منع تهديدات أمنية محتملة من سوريا، لكن هناك تباينات أيضًا، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث تدعم واشنطن التفاهمات بين دمشق والإدارة الذاتية، بينما تفضل إسرائيل إبقاء مناطق شرق سوريا خارج نفوذ الحكومة المركزية.


الآفاق المستقبلية
مع استمرار النزاعات الإقليمية، تظل السياسة الأمريكية تجاه سوريا خاضعة لمتغيرات داخلية وخارجية. ورغم إمكانية تخفيف العقوبات تدريجيًا في حال تحقيق الشروط المطلوبة، فإن رفعها الكامل يتطلب تغييرات جوهرية في السياسات السورية، بما يتماشى مع المصالح الأمريكية والإقليمية.


تعكس السياسة الأمريكية تجاه سوريا توازنًا بين المصالح الاستراتيجية والتحديات الإقليمية، حيث لا تعتبر واشنطن الملف السوري منفصلًا عن علاقاتها مع الفاعلين الدوليين والإقليميين. وبينما تظل أولوياتها مركزة على قضايا مثل أمن إسرائيل والحد من النفوذ الإيراني، يبقى مستقبل العلاقة بين واشنطن ودمشق مرهونًا بمدى الاستجابة للشروط الأمريكية والتطورات الإقليمية والدولية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5