إسرائيل والتصعيد المستمر في لبنان: استراتيجية توسعية أم مقامرة إقليمية؟

رامي عازار

2025.03.30 - 03:17
Facebook Share
طباعة

 منذ إعلان إسرائيل تغيير استراتيجيتها في التعامل مع التوترات الإقليمية، تتزايد التساؤلات حول أهدافها الحقيقية من التصعيد المستمر في لبنان والمنطقة. فالضربة الجوية الأخيرة التي استهدفت مواقع في بيروت ليست مجرد رد فعل عسكري، بل تأتي ضمن سياسة ممنهجة لتوسيع دائرة الاشتباك، واستغلال التحولات السياسية الدولية لتحقيق مكاسب استراتيجية.


تكتيكات إسرائيل: من المواجهة إلى استدراج الصراع
يرى مراقبون أن التصعيد الإسرائيلي الأخير ليس مجرد خطوة دفاعية، بل هو جزء من خطة مدروسة تستهدف جرّ المنطقة إلى صراع أوسع، يخدم أجندة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. ففي الوقت الذي يتحدث فيه المجتمع الدولي عن ضرورة ضبط النفس، تسعى تل أبيب إلى فرض معادلات جديدة على الأرض، متجاهلةً الاتفاقات السابقة والضغوط الدبلوماسية.


الخبير في الشأن الإسرائيلي أشرف عكة يؤكد أن الضربة الجوية الأخيرة هي رسالة واضحة بأن إسرائيل لا تعترف بأي اتفاق لوقف إطلاق النار، وأنها تستغل الظروف الإقليمية لصالحها. ويضيف أن تغيير قواعد اللعبة جاء بضغط أميركي، حيث أُجبرت إسرائيل على التهدئة بشكل مؤقت، لكنها سرعان ما عادت للتصعيد، بهدف استدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران، وهو سيناريو يحتاجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأسباب سياسية داخلية وعسكرية.


لبنان: ساحة مفتوحة للصراعات الدولية؟
الواقع اللبناني يبدو أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، حيث تحاول إسرائيل تحويله إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية، بعيدًا عن أي حلول سياسية حقيقية. فالخبير أليف صباغ يشير إلى أن إسرائيل تسعى إلى استنزاف "حزب الله" عسكريًا وأمنيًا، عبر فرض مواجهات متقطعة تستنزف قدراته، وتمنعه من استعادة توازنه الاستراتيجي.


لكن الأمر لا يتوقف عند "حزب الله" فحسب، بل يتعداه إلى إعادة رسم الخريطة الأمنية للمنطقة، تمهيدًا لشن ضربات أوسع ضد إيران، وبمباركة أميركية ضمنية. فتل أبيب تدرك أن أي مواجهة مباشرة مع طهران لن تكون ممكنة دون دعم واشنطن، وهو ما يجعل التصعيد في لبنان واليمن جزءًا من خطة أوسع لتأجيج الصراعات الإقليمية.


إسرائيل والرهان على الفوضى
تسعى إسرائيل، بوضوح، إلى تكريس حالة عدم الاستقرار في المنطقة، عبر تصعيد عسكري ممنهج، يُبقي الأوضاع مشتعلة دون الوصول إلى مواجهة شاملة. فهذه الاستراتيجية تمنحها مرونة سياسية، وتتيح لها التحكم بمسار الأحداث، بما يتناسب مع مصالحها الأمنية.


لكن السؤال الأهم: هل يدرك القادة الإسرائيليون مخاطر هذه السياسة؟ فالاستمرار في التصعيد دون حساب لتداعياته قد يؤدي إلى تفجير المنطقة بأكملها، وهو سيناريو قد لا يكون في صالح إسرائيل على المدى البعيد، خاصة مع تنامي المعارضة الدولية لمغامراتها العسكرية.


الخلاصة
في ظل التحولات الإقليمية والدولية، يبدو أن إسرائيل تراهن على استراتيجية الفوضى المنظمة لتحقيق مكاسب آنية، لكنها تغفل حقيقة أن التصعيد المستمر قد يكون سلاحًا ذو حدين. فاستدراج المنطقة إلى حافة الحرب قد يفقدها السيطرة على مجريات الأمور، ويجعلها في مواجهة تحديات غير محسوبة العواقب. فهل تواصل إسرائيل سياسة التصعيد حتى النهاية، أم ستجد نفسها مجبرة على التراجع تحت وطأة الضغوط الدولية؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10