عاد الهدوء إلى قرية كويا في ريف درعا الغربي، جنوبي سوريا، بعد يوم من القصف الإسرائيلي الذي استهدفها. ودعا وجهاء القرية الأهالي النازحين إلى العودة بعد أن تسببت الاعتداءات الإسرائيلية بنزوح واسع للسكان.
تفاصيل القصف والتوترات الميدانية
بدأت التوترات بعد محاولة الجيش الإسرائيلي التوغل في قرية كويا، ما دفع شبانًا من القرية إلى الرد بإطلاق النار. وردّ الجيش الإسرائيلي بقصف مكثف بالدبابات، استهدف منازل المدنيين، وأسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة آخرين، بينهم طفلة، إضافة إلى نزوح 350 عائلة إلى مراكز إيواء مؤقتة.
الموقع الجغرافي والأهمية الاستراتيجية
تقع قرية كويا ضمن مثلث الحدود بين سوريا والأردن وإسرائيل، على بعد نحو 40 كيلومترًا من مركز مدينة درعا. يبلغ عدد سكانها نحو 9,000 نسمة، يعمل معظمهم في الزراعة وتربية المواشي والنحل. تمتد القرية مع أراضيها الزراعية على مساحة 13,000 دونم، وهي مقسمة إلى قسمين: كويا المنشية المرتفعة، وكويا البلد المنخفضة، حيث وقعت التوترات الأخيرة.
تبعد القرية نحو أربعة كيلومترات عن الخط العازل بين سوريا وإسرائيل، وأقل من كيلومترين عن نهر اليرموك الذي يفصل بين سوريا والأردن. خلال النزاع السوري، خضعت القرية لسيطرة المعارضة منذ عام 2013، ثم استولى عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2015، قبل أن يعيد النظام السوري السيطرة عليها عام 2018.
ومنذ سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، وسّعت إسرائيل عملياتها العسكرية في المنطقة، متجاوزة خط فض الاشتباك وفق اتفاقية 1974. وطالب الجيش الإسرائيلي سكان كويا بتسليم سلاحهم ومنع ارتداء الزي العسكري، مهددًا بتدمير البلدة في حال الرفض.
وفي 10 ديسمبر 2024، سيطرت القوات الإسرائيلية على منطقة الجزيرة، وهي تلة مرتفعة تُشرف على القرى المجاورة. في 20 ديسمبر 2024، خرجت مظاهرة رافضة للوجود الإسرائيلي، لكن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى وقوع إصابات.
مؤخرًا، منع شبان كويا دورية إسرائيلية من دخول البلدة، وأطلق مجهولون النار على النقطة الإسرائيلية في الجزيرة، مما أدى إلى قصف إسرائيلي بقذائف الهاون وتمشيط بالرصاص استهدف الأراضي الزراعية المحيطة.
الإدانات الدولية والعربية
لقي القصف الإسرائيلي على كويا إدانات واسعة من جهات محلية ودولية. أدانت وزارة الخارجية السورية الهجمات، داعية المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لاحترام اتفاقية 1974. كما أصدرت روسيا، فرنسا، الصين، وقطر بيانات تدعو إسرائيل للانسحاب الفوري من الأراضي السورية.
في جلسة مجلس الأمن، دعا المندوب الروسي إسرائيل إلى الانسحاب من المنطقة العازلة، معتبرًا أن استمرارها في الاعتداءات يقوض فرص السلام في المنطقة. كما أدانت قطر والسعودية والكويت الهجمات الإسرائيلية، محذرة من تصعيد الصراع.
التبريرات الإسرائيلية
قال القائم بأعمال السفير الإسرائيلي لدى روسيا، ألكسندر بن تسفي، إن التحركات الإسرائيلية في سوريا ليست بهدف غزو أراضيها، بل لمحاربة "حزب الله" وإيران. فيما صرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قواته استهدفت "عناصر إرهابية" أطلقت النار نحو الجيش جنوبي سوريا.
الوضع الإنساني في كويا
تسبب القصف الإسرائيلي في موجة نزوح كثيفة من القرية، حيث تم إيواء العائلات المتضررة في مراكز مؤقتة. كما استمر تحليق الطائرات الإسرائيلية في سماء المنطقة وسط مخاوف من تصعيد جديد.
تظل الأوضاع في ريف درعا الغربي متوترة في ظل استمرار الوجود الإسرائيلي والتوترات مع السكان المحليين. ومع تصاعد الإدانات الدولية، لا يزال المشهد مفتوحًا على احتمالات التصعيد أو التهدئة، وفقًا لمجريات الأحداث والتدخلات الدبلوماسية الدولية.