مجازر الساحل: أسبوعان على عمل لجنة تقصي الحقائق وسط غياب الثقة

سامر الخطيب

2025.03.26 - 02:17
Facebook Share
طباعة

 مع مرور أسبوعين على تشكيل لجنة تقصي الحقائق للنظر في أحداث الساحل السوري، تتزايد الشكوك الشعبية حول فعاليتها في تقديم رواية محايدة وتحقيق العدالة للضحايا.


ومنذ اندلاع الاشتباكات في السادس من آذار، شهدت المناطق الساحلية في سوريا أعمال عنف غير مسبوقة، تخللها تنفيذ عمليات تصفية ميدانية طالت المئات من المدنيين. ووثقت مصادر محلية سقوط 1628 مدنيًا ضحية لهذه العمليات منذ بداية الهجمات وحتى العشرين من الشهر ذاته، إضافة إلى عشرات المفقودين الذين لم يُعرف مصيرهم حتى الآن.


توزعت المجازر على عدة مناطق، حيث سجلت اللاذقية النسبة الأعلى من الضحايا بواقع 836 قتيلاً، تليها طرطوس بـ503 قتلى، ثم حماة بـ262، وحمص بـ13 قتيلاً. كما تشير التقارير إلى وجود عدد كبير من الجثامين التي لم يتم تسليمها لذويها، ما يثير المزيد من التساؤلات حول هوية منفذي هذه الإعدامات الميدانية.


في التاسع من آذار، أعلنت الحكومة السورية عن تشكيل لجنة تقصي الحقائق، وأوكلت إليها مهمة التحقيق في المجازر التي وقعت في الساحل، على أن تقدم تقريرها النهائي في غضون شهر. غير أن مرور أسبوعين على تشكيل اللجنة لم يشهد أي تقدم ملموس، حيث لم يقم أعضاؤها بزيارة المناطق المنكوبة أو لقاء أهالي الضحايا.


في المقابل، عقد المتحدث الرسمي باسم اللجنة مؤتمرًا صحفيًا في دمشق، أكد خلاله أن اللجنة تعمل بجدية وتقوم بزيارة المناطق المتأثرة، إلا أن السكان المحليين يشككون في مصداقية هذه التصريحات، مشيرين إلى أن اللجنة تضم شخصيات سبق وأن قللت من حجم المجازر ووصفتها بأنها "حالات فردية".


نزوح المدنيين والخوف من انتهاكات جديدة
تسببت عمليات القتل الجماعي والنزاع المستمر في موجة نزوح واسعة، حيث لجأ الآلاف من المدنيين إلى قاعدة حميميم الروسية، خوفًا من عمليات انتقامية جديدة. ورغم محاولات السلطات المحلية إقناعهم بالعودة إلى منازلهم وتقديم ضمانات أمنية، يفضل معظم النازحين البقاء في القاعدة، متوجسين من التعرض لمصير مماثل لما حدث لأقاربهم.


في ذات السياق، تشهد مدينة بانياس انتشارًا أمنيًا مكثفًا مع إغلاق الطرق المؤدية إلى دير البشل، في خطوة وصفها ناشطون بأنها تهدف إلى ضبط الأمن ومنع تسلل المطلوبين. إلا أن هذه الإجراءات زادت من مخاوف السكان من اندلاع مواجهات جديدة.


بالتزامن مع التطورات في الساحل، نفذت القوى الأمنية عمليات مداهمة في ريف إدلب الجنوبي والغربي، استهدفت مطلوبين بتهم تتعلق بالانتماء إلى الجماعات المسلحة أو رفض التسوية. وأسفرت هذه العمليات عن اعتقال عدد من الأشخاص في بلدة التح بريف خان شيخون، إلى جانب حملات مشابهة في مدينة جسر الشغور.


في ظل استمرار النزاع وتعقيدات المشهد السوري، يبقى التحدي الأكبر هو إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين، وهو أمر لن يتحقق دون مساءلة جادة لمن تورطوا في هذه الجرائم، وتقديم ضمانات بعدم تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 5