مستقبل المقاتلين الأجانب في "قسد" بعد اتفاقها مع دمشق

سامر الخطيب

2025.03.19 - 01:04
Facebook Share
طباعة

 مع تصاعد التحولات السياسية والعسكرية في سوريا منذ سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، أصبح الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وحكومة دمشق نقطة تحول رئيسية. فقد عزز هذا الاتفاق من سيطرة السلطة السورية الجديدة، بينما قطع الطريق على أي محاولات للتمرد أو الانفصال.


ورغم أن الاتفاق عالج قضايا جوهرية مثل دمج قوات "قسد" ضمن الجيش السوري ومنح الأكراد حقوق المواطنة والمشاركة السياسية، إلا أنه أغفل مصير المقاتلين الأجانب في "قسد". وتكمن الإشكالية في ارتباط هؤلاء المقاتلين بحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابياً لدى تركيا والعديد من الدول الغربية.


مصير المقاتلين الأجانب.. بين العودة والخيارات البديلة
أشارت مصادر قيادية في "قسد" إلى أن المقاتلين الأجانب سيغادرون سوريا بعد التوصل إلى اتفاق دائم مع دمشق، لكن يبقى السؤال: هل سيعودون إلى بلدانهم أم سيتوجهون إلى أماكن أخرى؟


تقارير عديدة تؤكد أن إخراج المقاتلين الأجانب يعد بندًا رئيسيًا في إعادة هيكلة الجيش السوري الجديد. ففي الاجتماع الثلاثي الذي ضم قيادات سياسية وعسكرية من "قسد" في 17 فبراير/شباط الماضي، تم الاتفاق على دمج المؤسسات العسكرية والأمنية ضمن الدولة السورية، وإخراج المقاتلين غير السوريين.


وعلى ضوء هذا الاتفاق، طلبت وحدات حماية الشعب، التابعة لـ"قسد"، من المقاتلين الأجانب المنتمين لحزب العمال الكردستاني مغادرة سوريا فورًا، بعد يوم واحد من توقيع الاتفاق مع حكومة دمشق.


الضغوط التركية والموقف الإقليمي
لطالما اعتبرت تركيا قوات "قسد" تهديدًا لأمنها القومي، وطالبت مرارًا بإخراج المقاتلين الأجانب من سوريا. وفي 13 مارس/آذار، جددت أنقرة تأكيدها على ضرورة انسحاب هؤلاء المقاتلين وإلقاء السلاح، مشيرة إلى أنها ستواصل ملاحقتهم عسكريًا.


ويرى الباحث سامر الأحمد أن تركيا، رغم ترحيبها بالاتفاق، لا تزال قلقة من تنفيذ بنوده، إذ تخشى بقاء عناصر حزب العمال الكردستاني في سوريا، معتبرة إياهم خطراً أمنياً مباشراً.


أعداد وجنسيات المقاتلين الأجانب
لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد المقاتلين الأجانب في "قسد"، حيث تشير بعض المصادر إلى 3,000 مقاتل، بينما يقلل قادة "قسد" من هذا الرقم. وينتمي معظم هؤلاء إلى الأكراد القادمين من تركيا، العراق، وإيران، بالإضافة إلى متطوعين من دول غربية مثل المملكة المتحدة، فرنسا، وإيطاليا.


وكانت معركة كوباني 2014 نقطة جذب رئيسية لمقاتلين أكراد وأجانب، حيث انضموا إلى وحدات حماية الشعب تحت مظلة "الكتيبة الدولية".


عوائق العودة إلى الدول الأصلية
رغم الضغط لإخراجهم، تواجه عودة المقاتلين الأجانب تحديات قانونية وأمنية في بلدانهم الأصلية. فقد سنت بعض الدول، مثل بلجيكا وأستراليا، قوانين لتجريد مزدوجي الجنسية من جنسيتهم، فيما اعتمدت دول أخرى على قوانين مكافحة الإرهاب لمحاكمة العائدين.


الباحث محمد أمين جنكيز يرى أن معظم المقاتلين سيضطرون لمغادرة سوريا، حيث قد يعود الأكراد الأتراك إلى بلادهم، خاصة مع احتمال صدور عفو عام من أنقرة، بينما سيتوجه آخرون إلى مناطق مثل جبال قنديل.


جبال قنديل.. الملاذ الأخير
في ظل العقبات القانونية، قد تكون جبال قنديل شمال العراق الوجهة الأساسية لكبار القادة في "قسد"، خاصة المنتمين لحزب العمال الكردستاني. وتشير التقديرات إلى أن هؤلاء، وخاصة الأعضاء غير القادرين على العودة لبلدانهم الأصلية، سيلجؤون إلى معسكرات الحزب في جبال قنديل أو سينضمون إلى حزب الحياة الحرة الإيراني.


معضلة حزب العمال الكردستاني ومستقبل الاتفاق
إشكالية وجود حزب العمال الكردستاني في بنية "قسد" تجعل تنفيذ الاتفاق مع دمشق صعبًا. فوفق الباحث الأحمد، فإن تفكيك الحزب داخل "قسد" سيكون معقدًا، مما قد يؤدي إلى انقسامات داخلية وحتى مواجهات مسلحة.


ورغم تصريحات قائد "قسد" مظلوم عبدي حول عدم وجود روابط تنظيمية مع حزب العمال الكردستاني، إلا أن التطورات القادمة ستحدد مدى التزام "قسد" بتنفيذ الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بمصير المقاتلين الأجانب ومستقبل العلاقة مع دمشق وتركيا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10