مخلفات الحرب في سوريا واحصائيات صادمة: خطر مستمر يهدد حياة المدنيين

سامر الخطيب

2025.03.19 - 12:10
Facebook Share
طباعة

 تعد مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة واحدة من أخطر التحديات التي تواجه المناطق التي شهدت نزاعات عسكرية، حيث تبقى هذه المخلفات كامنة كقنابل موقوتة تهدد حياة المدنيين، وتعيق عودة السكان إلى منازلهم، كما تعرقل الأنشطة الاقتصادية والزراعية، مما يزيد من معاناة المجتمعات المتأثرة. وتزداد هذه المخاطر في سوريا بعد انحسار خطوط التماس وانفتاح المناطق التي كانت محظورة على المدنيين، حيث تزايدت حوادث الانفجارات بشكل كبير.


تشكل الذخائر غير المنفجرة تهديدًا مباشرًا على حياة السكان، وخاصة الأطفال الذين غالبًا ما ينجذبون إلى هذه الأجسام غير المألوفة. كما تؤثر هذه المخلفات على النساء والرجال الذين يسعون إلى استعادة حياتهم الطبيعية من خلال العمل في الزراعة أو الرعي أو البحث عن مصادر رزق أخرى. وقد أسفرت هذه المخاطر عن خسائر بشرية كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية.


إحصائيات الضحايا
بحسب منظمات حقوقية، فإن الفترة الممتدة من 8 كانون الأول حتى 18 آذار شهدت مقتل 365 مدنيًا، بينهم 270 رجلًا، و73 طفلًا، و22 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 383 آخرين بجروح، بينهم 184 طفلًا و9 سيدات. هذه الأرقام تسلط الضوء على فداحة الأزمة الإنسانية التي تسببها مخلفات الحرب.


تختلف حدة الخسائر البشرية باختلاف المناطق الجغرافية ونوع السيطرة عليها، حيث جاءت الإحصائيات على النحو التالي:
مناطق حكومة دمشق: سجلت هذه المناطق النسبة الأكبر من الضحايا، حيث قتل 296 شخصًا، بينهم 59 طفلًا و17 امرأة، كما أصيب 275 آخرون، بينهم 134 طفلًا و7 سيدات.


مناطق "الحكومة المؤقتة" و"الجيش الوطني": شهدت هذه المناطق امقتل 49 شخصًا، بينهم 6 أطفال وسيدتان، فيما أصيب 73 آخرون، بينهم 24 طفلًا وسيدتان.


مناطق "الإدارة الذاتية" تحت سيطرة "قسد": سجلت 20 قتيل، بينهم 8 أطفال و3 سيدات، بالإضافة إلى إصابة 35 آخرين، بينهم 26 طفلًا.


أنواع الذخائر غير المنفجرة وتأثيرها
تتنوع المخلفات الحربية في سوريا ما بين قنابل عنقودية، وألغام مضادة للدبابات، وأخرى مضادة للأفراد، وقذائف مدفعية غير منفجرة. هذه الذخائر تشكل تهديدًا مستمرًا، حيث أن بعض أنواعها قد تبقى نشطة لعقود، مما يفرض تحديًا طويل الأمد أمام جهود إزالة الألغام.


جهود إزالة الألغام والتوعية بالمخاطر
تسعى العديد من الفرق المحلية، سواء العسكرية أو المدنية، إلى إزالة هذه الذخائر والتقليل من المخاطر التي تسببها. وتشمل هذه الجهود:
- إزالة الألغام: تعمل فرق مختصة على البحث عن الذخائر غير المنفجرة وتفكيكها، إلا أن هذه العملية تستغرق وقتًا طويلًا وتتطلب إمكانيات تقنية متقدمة ودعمًا دوليًا.
- وضع علامات تحذيرية: يتم تحديد أماكن انتشار الألغام ووضع لافتات تحذيرية لتنبيه السكان.
- التوعية والتدريب: يتم تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للسكان العائدين إلى منازلهم لتعليمهم كيفية التعرف على الألغام وتجنب مخاطرها.


ضحايا فرق إزالة الألغام
لا تقتصر الخسائر البشرية على المدنيين، بل تمتد إلى فرق الهندسة والعسكريين العاملين في مجال إزالة الألغام، حيث سجل مقتل 34 عنصرًا من هذه الفرق، وإصابة 10 آخرين، بينهم عنصران من فرق الدفاع المدني. توزعت هذه الخسائر جغرافيًا كالتالي:
حلب: 9 شهداء و5 مصابين بينهم عنصر من "الجيش الوطني".
حمص: 10 شهداء بينهم عنصر من "جيش سورية الحرة".
حماة: شهيدان ومصابان من فرق إزالة الألغام.
إدلب: 7 شهداء.
الرقة: شهيد واحد.
دير الزور: شهيدان، وإصابة قيادي وعنصر.
اللاذقية: 4 شهداء وإصابة عنصرين من فرق الدفاع المدني.


الحلول المطلوبة لمواجهة هذه التحديات
تتطلب إزالة مخلفات الحرب جهودًا مكثفة وخططًا استراتيجية تشمل:
- التعاون الدولي: لا يمكن مواجهة هذه الكارثة بدون دعم دولي في مجال نزع الألغام وتوفير المعدات والتدريب.
- تطوير قدرات محلية: يجب تدريب كوادر محلية متخصصة في تفكيك الذخائر وتزويدهم بالأدوات اللازمة.
- تعزيز حملات التوعية: من الضروري نشر الوعي بين السكان، خاصة الأطفال، حول مخاطر الذخائر غير المنفجرة.
- استخدام التكنولوجيا: يمكن توظيف التقنيات الحديثة مثل الطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار للكشف عن أماكن الألغام بشكل أسرع وأكثر أمانًا.


تمثل مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة تحديًا مستمرًا يهدد حياة السوريين، مما يستدعي تضافر الجهود على المستوى المحلي والدولي لمواجهة هذه الأزمة. فبدون إزالة هذه الذخائر، سيظل المدنيون محاصرين بين الموت البطيء بفعل الخوف والتقييد، والموت الفوري نتيجة انفجار غير متوقع. تحقيق الأمان والتنمية المستدامة في سوريا لا يمكن أن يتم دون التخلص من هذه التهديدات القاتلة وضمان بيئة آمنة للأجيال القادمة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 5