أزمة التعليم في دير الزور: واقع مرير ومستقبل مجهول

سامر الخطيب

2025.03.18 - 11:08
Facebook Share
طباعة

 لا تزال تداعيات الحرب المستمرة في سوريا تؤثر بشكل عميق على مختلف جوانب الحياة في محافظة دير الزور، حيث يواجه سكانها تحديات هائلة، خصوصًا في قطاعي التعليم والبنية التحتية. وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحة إلى جهود إغاثية وتنموية تعيد للمنطقة مقومات الحياة الأساسية، وعلى رأسها التعليم.


واقع التعليم في دير الزور
وفقًا لتقارير حقوقية، فإن البنية التحتية التعليمية في دير الزور تعرضت لأضرار جسيمة خلال السنوات الماضية، حيث تحتاج 179 مدرسة إلى عمليات تأهيل شاملة، في حين تم تدمير 39 مدرسة بالكامل جراء القصف الذي شنه طيران النظام السوري والطيران الروسي خلال سنوات الحرب.


ويبلغ عدد الطلاب في المحافظة حوالي 175,000 طالب، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على النظام التعليمي الذي يعاني بالفعل من نقص حاد في الموارد التعليمية والكوادر التدريسية. وتشير الإحصائيات إلى أن 30% من هؤلاء الطلاب مهددون بالانقطاع عن الدراسة، وهو ما ينذر بمستقبل غامض لأجيال بأكملها.


التسرب المدرسي: أزمة متفاقمة
إلى جانب نقص الموارد، تبرز ظاهرة التسرب المدرسي كأحد أخطر التحديات التي تواجه القطاع التعليمي في دير الزور. وتشير الإحصائيات إلى أن هناك 3,817 طالبًا متسربًا من التعليم بحاجة إلى برامج تعليم مسرّع لإعادتهم إلى مقاعد الدراسة. ويعود سبب التسرب إلى عدة عوامل، من بينها الفقر، وانعدام الأمان، وانشغال الأطفال في أعمال تعين أسرهم على تأمين لقمة العيش.


البنية التحتية والتعليمية: تحديات هائلة
لا يقتصر الأمر على نقص المدارس، بل إن المدارس القائمة تعاني من نقص في المواد التعليمية، والمناهج الحديثة، والأثاث المدرسي، مما يجعل العملية التعليمية أكثر صعوبة. كما أن نقص الكوادر التدريسية المؤهلة يفاقم من حجم الأزمة، حيث يضطر العديد من المعلمين إلى العمل بظروف صعبة، وأحيانًا بدون رواتب كافية.


دعوات إلى التدخل العاجل
على ضوء هذه التحديات، تدعو المنظمات الحقوقية المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى تقديم دعم فوري وشامل لإعادة تأهيل المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستدامة. إن توفير الدعم للقطاع التعليمي لا يضمن فقط مستقبل الأطفال، بل يساهم أيضًا في إعادة بناء المجتمع ومواجهة الجهل والتخلف الذي قد يستغله المتطرفون لزرع أفكارهم بين الأجيال الشابة.


يبقى التعليم أحد الركائز الأساسية للنهوض بالمجتمعات وإعادة بنائها بعد الحروب. وفي ظل استمرار الأزمة في دير الزور، فإن الاستثمار في التعليم وإعادة تأهيل المدارس يشكلان حجر الأساس لضمان مستقبل أكثر استقرارًا لأطفال المحافظة. وبذلك، يصبح لزامًا على الجهات المعنية العمل سريعًا لإنقاذ جيل كامل من الضياع، لأن التعليم هو المفتاح الحقيقي لبناء مستقبل أكثر إشراقًا.


إن تجاهل هذه الأزمة قد يترك تداعيات خطيرة على الأجيال القادمة، مما يتطلب تضافر الجهود لضمان حق كل طفل في التعليم، بغض النظر عن الظروف التي فرضتها الحرب.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9