دعم دولي لإعادة إعمار سوريا وسط تحديات سياسية واقتصادية

2025.03.17 - 11:41
Facebook Share
طباعة

 في ظل الوضع السياسي والاقتصادي المعقد في سوريا، تسعى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، اليوم الاثنين (17 مارس/ آذار 2025)، خلال مؤتمر في بروكسل، إلى حشد دعم المجتمع الدولي لإعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد. وبينما كانت المؤتمرات السابقة تركز على تقديم المساعدات الإنسانية، فإن الطموحات هذا العام تتجه نحو تحقيق تحول جذري في دعم الاستقرار وإعادة البناء.


تحولات سياسية وتحديات انتقالية
تمثل سوريا في المؤتمر بوزير خارجيتها الجديد، أسعد الشيباني، الذي يشارك أيضًا في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. يأتي ذلك في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بعد سيطرة ائتلاف فصائل مسلحة على السلطة، وتولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قيادة البلاد.


ورغم تغيير القيادة، فإن البلاد لا تزال تواجه تحديات أمنية وسياسية خطيرة، إذ تشهد منطقة الساحل السوري في الغرب أعمال عنف هي الأعنف منذ وصول الائتلاف الجديد إلى الحكم. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل نحو 1400 مدني، معظمهم من الطائفة العلوية، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.


وبينما تحاول الدول الأوروبية دعم عملية الانتقال السياسي، تصرّ على اعتبار هذه الأحداث "حوادث معزولة"، مرحبةً بتشكيل لجنة تحقيق في الانتهاكات الأخيرة. وأكد بيان للاتحاد الأوروبي على "ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لمنع تكرار مثل هذه الجرائم".


العقوبات على سوريا بين الرفع والتشديد
مع استمرار القلق الأوروبي بشأن الأوضاع الأمنية، يظل ملف العقوبات المفروضة على سوريا محل نقاش. ورغم اتخاذ قرار في فبراير/ شباط الماضي بالرفع التدريجي لبعض العقوبات، فإن دول الاتحاد الأوروبي تهدد بمراجعة هذا القرار في حال تكررت أعمال العنف.

 

وأعلنت فرنسا أنها ستعارض أي تخفيف إضافي للعقوبات "إذا لم يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم"، في إشارة إلى ضرورة تحقيق الاستقرار وضمان حماية المدنيين قبل تخفيف القيود الاقتصادية المفروضة على البلاد.


تحديات التمويل ومستقبل المساعدات الدولية
تواجه الجهود الدولية لإعادة إعمار سوريا تحديات إضافية بسبب تراجع الدعم الأميركي. ويحتاج نحو 16.7 مليون شخص داخل سوريا إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة تقليص تمويلها، ما يهدد نجاح مؤتمر المانحين هذا العام.


وفي العام الماضي، تمكن المؤتمر من جمع 7.5 مليارات يورو لدعم سوريا، إلا أن قرار واشنطن تعليق مساعداتها يضع هذا التمويل في خطر. وكانت الولايات المتحدة تُعدّ أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في سوريا، ما يزيد من القلق حول الفجوة التمويلية التي قد تتركها في النظام الإنساني العالمي.


وأوضح أحد المسؤولين الأوروبيين أن "نظام المساعدات الإنسانية يعتمد على ركيزتين أساسيتين: الولايات المتحدة، التي تراجعت مساهمتها بشكل كبير، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء". ومع تضاؤل الدعم الأميركي، يتزايد الضغط على الدول الأوروبية لتعويض هذا العجز، وسط آمال بأن تلعب الدول العربية دورًا أكبر في تمويل جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.


هل تستطيع سوريا تجاوز أزمتها؟
وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن سوريا قد تحتاج إلى نصف قرن على الأقل للعودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب عام 2011. ومع انسحاب الدعم الأميركي، تصبح الجهود الدولية لإعادة الإعمار أكثر تعقيدًا، مما يستوجب تعاونًا أوسع بين المجتمع الدولي لتوفير التمويل اللازم وضمان استقرار البلاد على المدى الطويل.


وفي ظل هذه التحديات، يبقى مؤتمر بروكسل محطة مفصلية في تحديد مستقبل سوريا، فإما أن ينجح المجتمع الدولي في توفير الدعم اللازم لمساعدتها على النهوض، أو أن تبقى البلاد عالقة في دوامة الصراع وعدم الاستقرار لعقود قادمة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5