هل نشهد نهاية الوجود الأمريكي في سوريا أم محاولة ضغط؟

وكالة أنباء آسيا

2025.03.13 - 10:31
Facebook Share
طباعة

 كشفت وكالة "رويترز" عن أن وزارة الدفاع الأمريكية بدأت بوضع خطط لانسحاب محتمل من سوريا، إذا صدر قرار سياسي بذلك، رغم غياب أي مؤشرات على تنفيذه في المدى القريب. وذلك بعد توقيع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، اتفاقًا مع قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، يقضي بضم "قسد" إلى مؤسسات الدولة السورية، في خطوة وصفت بـ"التاريخية".


وفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تدرس سيناريوهات مختلفة تتعلق بانسحاب محتمل لقواتها من سوريا، رغم عدم وجود قرار رسمي حتى الآن. ويرى محللون أن هذا التسريب قد يكون رسالة سياسية موجهة للحلفاء والخصوم على حد سواء، خاصة أن "قسد" قد تجد نفسها في موقف ضعيف أمام تركيا ودمشق في حال انسحاب القوات الأمريكية.


ويشير مسؤول دفاعي أمريكي إلى أن القوات الكردية لن تكون قادرة على الاحتفاظ بمناطقها لفترة طويلة، في حال توحد الضغط من قبل أنقرة ودمشق، ما قد يدفعها إلى تقديم تنازلات أكبر على طاولة المفاوضات.


جاء الاتفاق بين "قسد" والإدارة السورية الانتقالية بعد ضغوط مكثفة، حيث أكدت مصادر لـ"رويترز" أن الولايات المتحدة شجعت الأكراد على التوصل إلى هذا الاتفاق لمنع المزيد من الصراعات شمالي سوريا، خاصة مع الغموض الذي يحيط بمستقبل الوجود الأمريكي في المنطقة.


ويهدف الاتفاق إلى إعادة توحيد سوريا بعد أكثر من عقد من الصراع، عبر دمج القوات الكردية، التي تسيطر على ربع مساحة البلاد، ضمن المؤسسات الرسمية للدولة السورية. كما يشمل الاتفاق دمج الهيئات الكردية الحاكمة إقليميًا ضمن الهيكل الإداري للدولة، في خطوة قد تؤدي إلى تعزيز الحكم الذاتي داخل إطار الدولة السورية الموحدة.


دور أمريكي في دعم الاتفاق؟
بحسب مصادر، فإن مظلوم عبدي، قائد "قسد"، سافر إلى دمشق لحضور توقيع الاتفاق على متن طائرة عسكرية أمريكية، مما يعزز الفرضية القائلة بأن واشنطن لعبت دورًا في تسهيل المباحثات، كما ذكرت مصادر أخرى أن قائد القيادة المركزية الأمريكية "سينتكوم"، الجنرال مايكل كوريلا، كان له دور في دفع "قسد" نحو هذا الاتفاق، رغم عدم صدور تعليق رسمي من الجيش الأمريكي حول مدى تدخله في المحادثات.


أثار الاتفاق ردود فعل دولية متباينة، حيث رحبت به كل من الولايات المتحدة، السعودية، قطر، الأردن، الكويت، ألمانيا، ومجلس "التعاون الخليجي". كما جاء الترحيب الأبرز من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي اعتبر أن الفائز في الاتفاق هو جميع السوريين، مشيرًا إلى أن تنفيذه بالكامل سيسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.


ومع ذلك، فإن نجاح الاتفاق في تهدئة التوترات يعتمد على مدى قدرة دمشق على تقديم ضمانات للأكراد، ومعالجة القضايا العالقة مع تركيا، خاصة أن أنقرة لا تزال تنظر إلى "قسد" كتهديد أمني بسبب ارتباطها بـ"حزب العمال الكردستاني".


هل نشهد نهاية الوجود الأمريكي في سوريا؟
رغم الحديث عن خطط انسحاب أمريكي محتمل، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه التوازنات داخل سوريا. فالحديث عن الانسحاب قد يكون محاولة للضغط على الأكراد لتسريع اندماجهم مع دمشق، أو رسالة إلى تركيا لتهدئة مخاوفها الأمنية.


لكن السؤال الأهم: هل سيعزز هذا الاتفاق الاستقرار، أم أنه مجرد خطوة تكتيكية ستواجه عقبات مستقبلية؟
إذا تم تنفيذه بشكل سلس، فقد يشكل الاتفاق نقطة تحول نحو استعادة سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها.
أما إذا تعثرت المفاوضات أو لم تلتزم الأطراف ببنوده، فقد يؤدي ذلك إلى موجة جديدة من التوترات، خاصة إذا شعرت تركيا بأن الاتفاق لا يراعي مصالحها الأمنية.
في كل الأحوال، فإن التطورات الأخيرة تعكس واقعًا جديدًا في سوريا، حيث لم يعد الحديث عن تقسيم البلاد أو استمرار الإدارة الذاتية الكردية بمعزل عن دمشق مطروحًا، بل بات التركيز على إعادة تشكيل السلطة السياسية ضمن إطار وطني جديد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 1