سوريا: هجمات منسقة وصدامات دامية بين القوات الأمنية والمسلحين

وكالة أنباء آسيا - سامر الخطيب

2025.03.08 - 07:42
Facebook Share
طباعة

 منذ ليلة الخميس، شهدت سوريا تطورات أمنية متسارعة، حيث تعرضت القوات الأمنية التابعة للحكومة السورية الجديدة لهجمات منظمة وكمائن متفرقة من قبل مجموعات مسلحة، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى في صفوف الجيش وقوى الأمن الداخلي.


اندلعت المواجهات في قرية بيت عانا بريف جبلة في محافظة اللاذقية، عندما تعرضت دورية عسكرية تابعة للأمن الداخلي لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين.


وتعتبر هذه القرية ذات أهمية خاصة، حيث إنها مسقط رأس اللواء سهيل الحسن، أحد قادة الجيش السوري السابقين في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد. ومع تصاعد الأحداث، ردت القوات الأمنية بإرسال تعزيزات تضمنت طائرات مروحية وصواريخ رشاشة للسيطرة على الوضع، إلا أن الموقف تفاقم بسرعة مع توسع الهجمات المسلحة إلى مناطق أخرى في ريف اللاذقية وطرطوس وقرى جبلة.


سلسلة كمائن واستنفار عسكري
خلال التصعيد العسكري، تعرضت قوات الأمن الداخلي إلى كمائن متزامنة في أكثر من عشرة مواقع، أبرزها في ريف جبلة، حيث لقي 13 عنصراً من الشرطة مصرعهم.


وبالتزامن مع ذلك، أصدرت وزارة الدفاع أوامر بالاستنفار الكامل وإرسال تعزيزات عسكرية من عدة محافظات، منها إدلب وريف حلب وحمص، نحو المناطق الساحلية. إلا أن هذه الأرتال تعرضت بدورها لكمائن قبل وصولها إلى وجهتها، ما أسفر عن خسائر فادحة.


استخدام الطائرات المسيرة والمواجهات العنيفة
استجابة للتصعيد، استعانت القوات الأمنية بطائرات "الشاهين" المسيرة، التي شنت ضربات مركزة على مواقع الجماعات المسلحة. ومع استمرار المواجهات، اضطرت بعض الأرتال العسكرية إلى تغيير مساراتها، فيما استمرت الاشتباكات العنيفة في مناطق مختلفة من الساحل السوري.


من يقف خلف الهجمات؟
أشارت قوات الأمن إلى أن "فلول النظام السابق" تقف وراء هذه الهجمات، متهمة قيادات سابقة في الجيش السوري بالضلوع في العمليات. ومن بين الأسماء التي برزت، العميد السابق غياث دلا، الذي أعلن تشكيل "المجلس العسكري لتحرير سوريا".


كما أفادت تقارير إعلامية بتحالف دلا مع قيادات سابقة في جيش النظام السابق بهدف "إسقاط النظام القائم". وبرز أيضاً اسم إبراهيم حويجة، رئيس المخابرات الجوية السابق، الذي تم اعتقاله خلال العمليات العسكرية في جبلة. إضافة إلى ذلك، تم توجيه اتهامات للواء سهيل الحسن بقيادة الجماعات المسلحة التي نفذت الهجمات.


احتجاجات وحظر تجوال
بالتزامن مع هذه التطورات، شهدت مناطق الساحل احتجاجات في طرطوس وجبلة وريف اللاذقية، تعبيراً عن دعمهم للتحركات العسكرية المناهضة للحكومة الجديدة، ورفضهم للعملية الأمنية.


في المقابل، شهدت المناطق الموالية للحكومة الجديدة حالة من الغليان، وسط دعوات لحمل السلاح لدعم القوات الأمنية. وأمام تصاعد العنف، فرضت السلطات حظر تجول في اللاذقية وطرطوس، وسط استمرار المواجهات العنيفة واستخدام الأسلحة الثقيلة.


تصاعد العنف والإعدامات الميدانية
مع تفاقم الأوضاع، برزت مخاوف من تحول النزاع إلى صراع طائفي واسع. وأفاد مصدر أمني أن القوات عثرت على "حاجز أمني تمت تصفيته بالكامل" في طرطوس، حيث قُتل سبعة عناصر. في المقابل، أشارت تقارير إلى تنفيذ قوات أمنية إعدامات ميدانية بحق مدنيين في بعض القرى العلوية، مثل بلدة المختارية في ريف اللاذقية، حيث أُعدم عدد من السكان وأُحرقت منازلهم.


وأكدت وكالة الأنباء السورية أن "حشوداً شعبية غير منظمة" توجهت إلى مناطق الساحل، مما أدى إلى بعض "التجاوزات الفردية" التي يجري العمل على ضبطها.


ارتفاع حصيلة القتلى والمجازر المروعة
أسفرت سلسلة الهجمات المتفرقة عن وقوع خمس مجازر دامية في مناطق الساحل السوري، حيث بلغ عدد القتلى 162 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، في عمليات إعدام جماعي. ومن أبرز هذه الحوادث:
مدينة بانياس (ريف طرطوس): 60 قتيلاً بينهم 10 نساء و5 أطفال.
دوير بعبدة بيت عانا (ريف جبلة/اللاذقية): 7 مدنيين قتلوا بإطلاق نار مباشر.
قرية الشير (ريف اللاذقية): 24 مدنياً قُتلوا في إعدام جماعي.
قرية المختارية (منطقة الحفة/اللاذقية): 38 مدنياً أُعدموا من مسافات قريبة.
بلدة الحفة (اللاذقية): 7 قتلى بإصابات قاتلة في الرأس والصدر.
يحمور (ريف طرطوس): مقتل شابين أثناء محاولتهما الفرار.
سلحب (ريف حماة): الشيخ شعبان منصور وابنه أُعدما بعد اعتقالهما.
قرية قرفيص (اللاذقية): 22 قتيلاً في هجوم استهدف منازل مدنيين.


مطالبات دولية بالتحقيق والمحاسبة
دعت منظمات حقوقية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل وإرسال فرق تحقيق دولية لتوثيق الانتهاكات الجسيمة التي استهدفت المدنيين. كما طالبت السلطات السورية الجديدة بمحاسبة المسؤولين عن عمليات الإعدام الميداني، محذرة من أن الإفلات من العقاب قد يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف وتهديد استقرار البلاد في مرحلة ما بعد سقوط الأسد.


تداعيات التصعيد وآفاق المستقبل
يُظهر هذا التصعيد مدى تعقيد المشهد السوري بعد سقوط نظام الأسد، حيث يبدو أن ولاءات القوى العسكرية والأمنية لا تزال متباينة، ما يعكس تحديات إعادة بناء دولة مستقرة.


إن وجود شخصيات عسكرية بارزة من النظام السابق تقود تحركات مسلحة يشير إلى أن الصراع لم ينتهِ تمامًا، بل أعاد تشكيل نفسه في سياقات جديدة. فبينما تسعى الحكومة الجديدة إلى فرض سيطرتها، تواجه مقاومة قوية من عناصر ترى في النظام الجديد تهديدًا لمصالحها.


على المستوى الإقليمي، قد يكون لتطورات الأحداث في الساحل السوري انعكاسات على العلاقات بين القوى الدولية والإقليمية المتورطة في الشأن السوري. فالاستقرار في هذه المنطقة يمثل عاملاً أساسياً في أي تسوية سياسية مستقبلية.


تحديات أمام الحكومة الجديدة
تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات كبيرة في احتواء الوضع الأمني المتفجر، حيث تبدو الاشتباكات التي اندلعت مؤخراً منسقة بشكل واسع، ما يضعها أمام اختبار صعب في مساعيها لإعادة توحيد البلاد بعد أكثر من 14 عاماً من الصراع.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1